ومحذور الدور إنّما يتوجّه على الأوّل لتوقّفه على ثبوت الشرع ، المتوقّف على هذه الأحكام . وقد اعترف المعترض بأنّها مأخوذة من العقل ، وحيث إنّه لسان الشرع فالأخذ منه أخذ من الشارع ، مع توجّه المنع إلى الملازمة بين كون الشئ ممتنع الأخذ منه فعلا وكونه بحيث ليس من شأنه أن يؤخذ منه ، فإنّ معنى شأنيّة الأخذ من الشارع أنّ في الشئ لذاته ما يقتضي الأخذ منه ، والمقتضي قد يصادف وجود المانع ، وامتناع الأخذ منه فعلا إنّما نشأ عن مصادفة مانع الدور ، وهو لا ينافي وجود المقتضى الّذي عليه مدار صدق القضيّة الشأنيّة . ألا ترى إنّ العبادة الواقعيّة من شأنها أن يأمر الشارع كلّ مكلّف بها إيصالا له إلى ما فيها من المصالح النفس الأمريّة والصفات الكامنة فيها ، مع امتناع تنجّز ذلك بالقياس إلى الغافل وغيره من ذوي الأعذار ، لمصادفة مانع التكليف بغير المقدور . وأضعف من هذا الاعتراض ما يستفاد من بعض الفضلاء [1] - على تقدير إرادة الوجه الثالث - وهو لزوم نسبة الشئ إلى نفسه ، حيث إنّ الأحكام ليست إلاّ عبارة عن نفس الطريقة المختصّة بالشارع ، فيكون مفاد وصفها بالشرعيّة بهذا المعنى الطريقة المنتسبة إلى الطريقة ، وإنّه محال لوجوب تغاير المنسوب والمنسوب إليه في النسبة . ويدفعه : أنّ الطريقة المنتسبة إلى الشارع إمّا عبارة عن مجموع أُمور تثبت بجعل الشارع وإمضائه وكشفه عن الواقع ، أو عمّا يصدق على كلٍّ من الجهات المتحقّقة فيما بين التكليفيّات وماهيّات العبادات والمعاملات صدق الكلّي على أفراده ، فهي بالإضافة إلى الخصوصيّات المندرجة فيها إمّا كلّ بالقياس إلى أجزائه ، أو كلّي بالقياس إلى جزئيّاته . وأيّاً مّا كان فنسبة " الأحكام " إليها صحيحة على حدّ نسبة الجزء إلى كلّه ،