وأمّا العرف العامّ فلا يوجد فيه منها إلاّ بعضها ، والقدر المقطوع به منه بعنوان الحقيقة ، القدر الجامع بين التقليد واليقين تارةً ، وخصوص التقليد أُخرى ، واليقين ثالثة . والظاهر أنّ موضوعه لغةً هو الأوّل ، وإطلاقه على الأخيرين باعتباره لا لوضعه لخصوص كلٍّ منهما ، للتبادر وعدم صحّة سلبه عن الاعتقاد التقليدي ، وصحّة سلبه عن الظنّ والجهل المركّب ، وبعنوان المجاز الاعتقاد الراجح الجامع بين الجزم والظنّ . وأمّا المعاني الأُخر فلم نقف في العرف العامّ على إطلاقه عليها حتّى الظنّ ولو بعنوان المجاز . وما يتوهّم من إطلاقه عليه مجازاً بعلاقة وجوب العمل أو رجحان الحصول ويجعل من ذلك قوله تعالى : ( فإن علمتموهنّ مؤمنات ) [1] وقوله الآخر : ( وإن علمتم فيهم خيراً ) [2] بحمله على إرادة الظنّ المتاخم للعلم ، لتعذر حقيقة العلم هنا . ففيه : منع ثبوت ذلك في استعمالات العرف - وفاقاً لبعض مشايخنا قدّس الله أرواحهم - وتوهّم وروده في الآيتين . يدفعه : منع وجود القرينة عليه ، ودعوى تعذّر الحقيقة هنا غير مسموعة . نعم لا نضائق تعسّر حصوله غير إنّه بمجرّده لا يقضي بعدم جواز إرادة الحقيقة ، ولو سلّم عدم كون الحقيقة مرادة فلا قاضي بتعيّن إرادة الظنّ بالخصوص ، لجواز كون المراد المعنى العامّ الثابت إطلاقه عليه في العرف العامّ . ومع الغضّ عن جميع ذلك ، فاعتبار كون العلاقة وجوب العمل واضح الفساد ، لوجوب كون علاقة المجاز ممّا يعتبره العرف ، بناءً على أنّ المعتبر فيها ثبوت ترخيص الواضع الّذي يكشف عنه المؤانسة العرفيّة ، ووجوب العمل حكم شرعي لا يعرفه أهل العرف إلاّ من جهة الشرع ، وصلاحيّة رجحان الحصول لكونه علاقة أيضاً ، لا يخلو عن منع .