الألفاظ - التبادر ، فإنّ المتبادر من الألفاظ بأسرها عند إطلاقاتها معانيها من حيث إنّها أُمور واقعيّة من دون أن يتبادر معها وصف المعلوميّة بجميع وجوهه ومحتملاته ، لا تفصيلا ولا إجمالا ، لا تبادراً أوّليّاً ولا ثانويّاً ، وهذا آية عدم دخوله في الوضع أصلا ، هذا مضافاً إلى أنّه المركوز في أذهان أهل العرف ، فإنّه لم يعهد أحد في معنى شئ من الألفاظ إلاّ نفس المعنى من حيث إنّه أمر واقعي لا بوصف أنّه معلوم ، بل لم يدخل في ذهن أحد دخول وصف المعلوميّة مع المعنى في وضع اللفظ الدالّ عليه ، كما يكشف عن ذلك ذمّهم تارك المأمور به لجهله مع تمكّنه عن الاستعلام بالفحص اعتذاراً بعدم علمه به ، وعدم إذعان أحد منهم ثبوت الواسطة بين المؤمن والكافر ، والعادل والفاسق ، والحلال والحرام ، والطاهر والنجس . ويدلّ عليه أيضاً كلام أئمّة اللغة في ترجمة الألفاظ وضبط معانيها ، لعدم تعرّض أحد منهم لذكر وصف المعلوميّة مع المعاني ، وإنّما اقتصروا في كافّة الألفاظ على أصل المعاني من دون إيماء ولا إشعار بدخول العلم معها في الوضع ، فكان ذلك منهم اتّفاقاً على عدم الاعتبار . واستدلّ أيضاً بأنّ مقتضى قواعد الصرف والاشتقاق أنّ المشتقّ هو الذات المتّصف بالمبدأ ، فإذا كان العلم خارجاً عن مدلول المبادئ كان خارجاً عن المشتقّات أيضاً ، هذا مضافاً إلى أنّه ليس للقول بالوضع للأُمور المعلومة مدرك يعتمد عليه ، ولا مستند يلتفت إليه . نعم ربّما احتمل كون مستنده في الأخبار أنّ المخبر لمّا لم يصحّ له الإخبار إلاّ مع العلم بالموضوع والمحمول ، كان قول القائل : " هذا الماء طاهر " في قوّة " هذا الّذي علم أنّه ماء هو معلوم الطهارة " وفي الإنشاء أنّ الطالب لمّا لم يصحّ له طلب غير المقدور ، والعلم من شرائط القدرة كان قوله : " لا تستعمل النجس " بمنزلة أن يقول : " لا تستعمل ما علمت نجاسته " . وفيه : مع اختلاف مؤدّاه بالنسبة إلى الخبر والإنشاء ، من حيث إنّ مؤدّاه بالنسبة إلى الخبر اعتبار علم المتكلّم ، وبالنسبة إلى الانشاء اعتبار علم المخاطب ، ما لا يخفى من الضعف .