يراد به إسناد الفعل أو شبهه إلى غير من هو له لعلاقة بينهما ، وانتسابه إلى العقل لأنّه الحاكم بكونه إسناداً إلى غير من هو له لاطّلاعه على من هو له في الواقع ، بمعونة الحسّ والعيان كما في " سيل مفعم " و " جرى الميزاب " أو بملاحظة البيّنة والبرهان كما في " أنبت الربيع البقل " لكن قد تبيّن أنّ كلاّ من المقدّمتين موضع منع ، ففسد الاستدلال وبطل المدّعى . ثمّ على تقدير كون مبنى الاستدلال على كون المجاز في نظائر هذين المثالين مجازاً في الإسناد على وجه يكون مجازاً لغويّاً ، بدعوى : أنّ نوع هذه الهيئة موضوع للإسناد إلى الفاعل الحقيقي ، ولم يستعمل هنا فيه بل استعمل في الإسناد إلى الفاعل المجازي ، فيكون مجازاً لغويّاً بلا حقيقة . يرد عليه أوّلا : ما أشرنا إليه سابقاً من أنّ الموضوعات بالنوع يكفي في تحقّق الحقيقة بالقياس إليها استعمالها بعد الوضع في ضمن بعض موادّها ، فلو استعملت حينئذ في ضمن مادّة أُخرى فيما يغاير معانيها الموضوع لها كانت من المجاز مع الحقيقة . وثانياً : منع دعوى اختصاص الوضع بالإسناد إلى الفاعل الحقيقي ، لعدم الفرق فيه بحكم أمارات الوضع بينه وبين الإسناد إلى الفاعل الادّعائي ، كيف والطبع السليم والذوق المستقيم يحكم بعدم الفرق بين ما في قول القائل : " سرّتني رؤيتك " وما في قوله : " مات زيد " بحسب المعنى ، مع أنّ من المصرّح به في كلامهم كون الأوّل من المجاز في الإسناد دون الثاني ، فالإسناد فيهما يقع على نمط واحد ، والاختلاف يتأتّى بالقياس إلى المسند إليه ، من حيث إنّ " الرؤية " في الأوّل فاعل ادّعائي ، و " زيد " في الثاني فاعل حقيقي . وأمّا ما قيل في دفعه أيضاً : من أنّ الهيئة لو كانت موضوعة للإسناد إلى الفاعل الحقيقي خاصّة لزم أن لا يكون لها في الأخبار الكاذبة معنى ، فوجب كونها للإسناد إلى مطلق الفاعل ، ولو كانت فاعليّته ادّعائيّة ، إذ لا يعقل من الإسناد إلاّ معنى واحد وهو جار في جميع الموارد .