منتزعة عن متعدّد هي حالة ظهور بياض الصبح في آخر الليل ، بصورة منتزعة عن متعدّد آخر هي حالة ظهور الشيب في الشعر ، ثمّ أطلق اللفظ الدالّ على المشبّه به بالمطابقة على المشبّه . وإن كان يشكل ذلك أيضاً من حيث إنّ " اللمِّة " في هذا المركّب باعتبار إضافتها إلى الليل ليست من ألفاظ المتعدّد الملحوظ في جانب المشبّه به كما لا يخفى ، ومعه يخرج عن ضابط الاستعارة التمثيليّة . نعم يجري احتمال المجاز في المفردين المسند والمسند إليه من دون مجاز في الإسناد ، بناءً على قراءة " اللمِّة " بضمّ اللام وتخفيف الميم ، بمعنى الجماعة في عدد غير محصور بأن يكون " لُمة الليل " مجازاً عن معظمه و " الشيب " مجازاً عن الانقضاء ، ليكون المعنى : انقضى معظم الليل ، ويقصد به التنبيه على قرب الصبح ، أو يكون " اللمة " بناءً على القراءة الأُولى مجازاً عن ظلمة الليل ، و " الشيب " مجازاً عن الزوال والارتفاع ، ليكون المعنى : زال ظلمة الليل وارتفعت ، ويقصد بها التنبيه على طلوع الفجر ، وكأنّ مراد المجيب من دعوى كون المجاز في المسند أو المسند إليه بالنسبة إلى هذا المركّب أحد هذين الوجهين ، إن ساعدنا عليه قضيّة كلامه بحملها على المنفصلة المانعة الخلوّ ، لما عرفت من لزوم المجاز في المسند والمسند إليه كليهما لا في أحدهما ، نعم لزومه في أحدهما لا بعينه إنّما يتّجه في المركّب الآخر حسبما نوجّهه عن قريب . وثانياً : منع انطباق ما ذكر في " قامت الحرب على ساق " على الاستعارة التمثيليّة ، ومنع عدم جواز تطرّق المجاز إلى مفرداته ، بل هذا بعد صرفه عن المجاز في الإسناد هو المتعيّن ، بأن يكون المجاز فيه إمّا في المسند بكون " القيام بالساق " مجازاً عن الاستقرار و " الحرب " مراداً بها معناها الأصلي ، أو في المسند إليه بكون " الحرب " مجازاً عن رجالها بعلاقة المسبّبيّة حسبما أشرنا إليه سابقاً ، و " القيام " مراداً به معناه الأصلي . وقد يقرّر ذلك ، بأن شبّه الحرب برجل ذي ساق في النفس ليكون استعارةً