لا يلائمه احتجاجه المحكيّ باللفظ في حالة الوضع قبل الاستعمال ، ولذا اعترض عليه العلاّمة بقوله : ليس بجيّد [1] تعليلا بكون الدلالة مسبوقة بالوضع . وممّا جعله العلاّمة من الواسطة بعد ما ذكر الصورة الأُولى منها كما عرفت ، الأعلام مصرّحاً بأنّها ليست حقيقة ولا مجازاً ، وكان مراده على ما يظهر من تعليله عدم كونهما من الحقيقة والمجاز اللغويّين كما أشرنا إليه سابقاً ، وهو بهذا التوجيه وإن كان جيّداً غير أنّه يشكل بقضائه بعدم كون الحقائق العرفيّة عامّة وخاصّة - خصوصاً إذا كانت موضوعة بوضع التعيين - حقيقة ومجازاً بهذا المعنى ، فلا وجه للاقتصار على الأعلام وإفرادها بنفي الحقيقة والمجاز . لا يقال : إنّ الوضع في الحقائق العرفيّة إنّما يحصل من باب النقل ، الّذي لا يتأتّى إلاّ مع وجود المناسبة ، فهي لتضمّنها المناسبة بالقياس إلى الوضع اللغوي كانت مجازات لغويّة ، ويقوى ذلك فيما حصل وضعه بالاشتهار والغلبة . لأنّا نقول : مع أنّ المناسبة المعتبرة في النقل لم يجب كونها مصحّحة للتجوّز ، بأن يكون من العلائق المعتبرة في المجاز ، أنّ المعتبر في المجاز استناد استعمالاته إلى العلاقة الموجودة ، والمأخوذ الموجود في النقل استناد الوضع إليها حتّى فيما طرء بالاشتهار والغلبة ، فإنّ اللفظ حيثما بلغ حدّ الحقيقة فاستعمالاته في تلك الحالة ليست مستندة إلى العلاقة بل مستندة إلى الوضع الطارئ ، فهو في هذه الحالة ليست بمجاز لغوي جزماً ، وكونه مجازاً قبلها في إحدى الصورتين لا يقضي بكونه كذلك بعدها . ويقوى ذلك في المنقول بوضع التعيّن إذا لم يطرأه من أهل اللغة ولا غيرهم استعمال لأجل العلاقة الموجودة . المجاز لا يستلزم الحقيقة نعم هذا على ذلك التقدير مجازي شأني ، لكن قد عرفت كون المجازات الشأنيّة من جملة الوسائط ، وما قد يوجد في كلامهم من أنّ كلّ حقيقة عرفيّة