بين الحقيقة والمجاز وليس بأحدهما ، فلعلّه ليس بظاهره لجواز كون المقصود نفي كونهما من الحقيقة والمجاز اللغويّين لا مطلقهما . وربّما يستفاد ذلك من صريح النهاية [1] أيضاً ، حيث قال : وأيضاً الأعلام ليست حقيقة ولا مجازاً ، لكونها من الألقاب والحقيقة استعمال اللفظ فيما وضع له والمجاز في غير ما وضع له ، وهو يستدعي كونهما قد وضعا قبل الاستعمال لغةً وأسماء الأعلام ليست كذلك ، فإنّ استعمالها ليس فيما وضعه أهل اللغة ولا في غيره . وذكر في موضع آخر ، أنّ الأعلام ليست مجازات ، لأنّ شرط المجاز استناد الفعل إلى علاقة بين الأصل والفرع ، وهي منتفية في الأعلام [2] . ولا ريب أنّ نفي الخاصّ لا يستلزم انتفاء العامّ . وبالجملة ، فمن أطلق نفي اتّصافها بالحقيقة والمجاز إن أراد به عدم كونهما في مسمّياتها من الحقائق والمجازات اللغويّين بل العرفيّين في الجملة فهو في محلّه ، ضرورة عدم استناد استعمالاتها في مسمّياتها الموضوع لها إلى شئ من الوضع اللغوي ولا العرفي العامّ ، ولا إلى العلاقة الملحوظة بينها وبين المعاني اللغويّة ، ولا العرفيّة العامّة . وإن أراد به امتناع لحوق وصفي الحقيقة والمجاز لهما أصلا ورأساً فهو مقطوع بفساده لما بيّنّاه ، فهي إذا استند استعمالاتها إلى ما فيها من الوضع الثابت لمسمّياتها كانت من الحقائق ، وإذا استندت إلى المناسبة المعتبرة لمسمّياتها الموضوع لها كانت من المجازات . ثمّ على تقدير عدم اندراجها في العرفيّة بقسيمها لا يتوجّه نقض إلى تقسيمهم من حيث عدم أخذهم لها رابع الأقسام أو خامسها ، لجواز ابتنائه على قلّة ما يترتّب عليها من الثمرات والفوائد الفقهيّة وغيرها ، بل لعدم فائدة تتعلّق بها مطلقاً ، حتّى بالنسبة إلى سائر الفنون المدوّنة ، بخلاف سائر الأقسام المأخوذة في
[1] نهاية الوصول إلى علم الأُصول : الورقة 26 ( مخطوط ) . [2] نهاية الوصول إلى علم الأُصول : الورقة 25 ( مخطوط ) .