أحدهما : ما يلحق الشئ لذاته ، ويعبّر عنه " بالعرض الأوّلي " والمراد به على ما صرّحوا به عرض يلحق معروضه بلا واسطة في عروضه . وعن الشيخ في الشفاء في الفرق بين المقدّمة الأوّلية ومقدّمة محمولها أوّلي : أنّ الأُولى هي الّتي لا حاجة لها إلى واسطة في التصديق كقولنا : " الكلّ أعظم من الجزء " وأنّ الثانية هي الّتي لحوق محمولها لموضوعها لا بتوسّط لحوقه لشئ آخر ، بمعنى كونه عارضاً له لا لشئ آخر ، ولو كان عارضاً لشئ آخر فكان بتوسّط كونه عارضاً له ، فهو له أوّلاً وبالذات وللشئ الآخر ثانياً وبالواسطة . وملخّص ذلك : إنّ المعتبر في العرض الأوّلي انتفاء الواسطة في العروض ، لا انتفاء الواسطة في التصديق ، وبذلك يندفع ما اعترض عليهم في قولهم : " بأنّ العوارض اللاحقة للأشياء لذواتها هي الّتي لحقها بلا توسّط شئ آخر " من أنّه يستلزم كون تلك اللواحق بيّنة الثبوت لتلك الأشياء ، فتخرج عن كونها من مسائل العلم ، لأنّ مسائل العلم تحتاج في ثبوتها لموضوعاتها إلى دليل وبرهان ، والأُمور البيّنة الثبوت لا حاجة لها في ثبوتها إلى برهان ، فإنّ انتفاء الواسطة في العروض لا ينافي الاحتياج إلى الواسطة في التصديق ، وكما لا يعتبر في العرض الأوّلي انتفاء هذه الواسطة فكذلك لا يعتبر انتفاء الواسطة في الثبوت بالمعنى المقابل للواسطة في العروض ، كما نصّ عليه بعض الفضلاء [1] قائلا : والمراد بالعرض الذاتي ما يعرض الشئ لذاته ، أي لا بواسطة في العروض سواء احتاج إلى واسطة في الثبوت ولو إلى مبائن أعمّ أو لا . أمّا الأوّل ، فكالأحوال الإعرابيّة الطارئة على الكلمة والكلام بواسطة الوضع ، وهو أمر مبائن للّفظ وإن كان له نوع تعلّق به ، أعمّ بحسب الوجود لتحقّقه في النقوش وغيرها أيضاً ، وكالأحكام الشرعيّة الطارئة على أفعال المكلّفين باعتبار وعلى الأدلّة باعتبار بواسطة جعل الشارع وخطابه ، وهو أمر مبائن للأفعال والأدلّة وإن كان له تعلّق بها ، وأعمّ من كلّ منهما لتحقّقه في الأُخرى .