فإنّ الأقوال في تلك المسألة على ما ستظفر عليه أربعة : الأوّل : القول بعدم إمكان التجزّي . الثاني : إمكانه وعدم اعتباره مطلقاً وعليه المصنّف . والثالث : إمكانه مع اعتباره للمتجزّي بالخصوص ، وهو الأظهر . والرابع : إمكانه واعتباره له ولغيره ممّن يقلّده ، والبيان المذكور إنّما يجدي في دفع الإشكال على أحد القولين الأخيرين . وأمّا على القول الثاني ، فيبقى انتقاض الطّرد بحاله ، إلاّ أن يقال : بكون " الفقه " اسماً للأعمّ من الصحيح والفاسد كما احتمله بعضهم . لكن يدفعه : منع ذلك بملاحظة ما مرّ مراراً من ظهور " الأحكام " في الفعليّة . ولا ريب أنّ مؤدّى الاجتهاد لا يصير حكماً فعليّاً إلاّ مع اعتبار الاجتهاد شرعاً ، فيكون الصحّة مأخوذة في مسمّى " الفقه " اصطلاحاً ، إذ لا يراد بالصحّة هنا إلاّ ما يرجع إلى الاعتبار الشرعي . واتّضح بهذا البيان عدم انتقاض الطّرد على مذهب المصنّف أيضاً ، لكن لا يخفى ما في عبارته من القصور ، ولذا عدل بعض الأعلام عن بيانه إلى بيان آخر أبسط منه [1] كما يظفر عليه من يراجع كلامه . [ 19 ] قوله : ( فبأنّا نختار أوّلا : أنّ المراد البعض . . . الخ ) واعلم أنّ العلم ببعض الأحكام مفهوم كلّي له أفراد أربع : الأوّل : العلم بالبعض في ضمن الواحد . الثاني : العلم بالبعض في ضمن الكثير . الثالث : العلم بالبعض في ضمن الأكثر . الرابع : العلم بالبعض في ضمن الكلّ . ويعبّر عن الرابع بالبعض بشرط شئ ، وعن الأوّل والثاني والثالث بالبعض بشرط لا ، وعمّا يشمل الجميع بالبعض لا بشرط .