عدم سلامة الطرد من جهة هذه الأحكام لا ينهض مخرجاً لها ، وإلاّ فلا حاجة إلى تكلّف دعوى الانصراف . فليتأمّل . [ 8 ] قوله : ( عن أدلّتها . . . الخ ) متعلّق بعامل مقدّر عامّ " كالحصول " فيكون الظرف مستقرّاً باتّفاق النحاة ، أو خاصّ كالأخذ أو الاستنباط أو الاستفادة أو غيرها ممّا يلائم كلمة المجاوزة ، فالظرف لغوٌ في قول ومستقرّ في آخر ، والعامل على التقديرين وصف راجع إلى العلم ، فيكون المعنى : العلم بالأحكام الحاصل أو المأخوذ أو المستنبط أو المستفاد عن الأدلّة التفصيليّة ، أو إلى الأحكام فيكون المعنى : العلم بالأحكام الحاصلة أو المأخوذة أو المستنبطة أو المستفادة عن الأدلّة . وقضيّة قاعدتهم في الظرف الواقع عقيب المعرفة كونه باعتبار العامل المقدّر حالا على التقديرين ، وهذا معنى رجوعه إلى " العلم " أو " الأحكام " لا أنّ العامل هو " العلم " أو " الحكم " ولكن ظاهر لفظ الحدّ يقتضي رجوعه إلى العلم . وقد يقال : بعدم إمكان كونه من متعلّقات العلم ، لأنّ العلم المسمّى " بالفقه " ليس حاصلا عن الأدلّة ، وما يحصل عنها ليس من الفقه ، نظراً إلى أنّ الثاني ما يعتبر في مقام الاجتهاد والأوّل معتبر في مقام الفقاهة ، والاجتهاد مع الفقاهة وصفان مرتّبان لموصوف واحد ، لتأخّر رتبة الفقاهة عن رتبة الاجتهاد ، والمجتهد بمجرّد استفراغ الوسع في تحصيل العلم أو الظنّ بالأحكام الشرعيّة والنظر في الأدلّة المحصّلة لهما لا يسمّى " فقيهاً " ولا علمه أو ظنّه الحاصلان عنها " فقهاً " بل غاية ما هناك أن يحصل له صغرى وجدانيّة فيجب عليه تحصيلا لمقام الفقاهة أن يحصّل كبرى كليّة ويضمها إلى الصغرى المذكورة ، فينتظم عنده صورة قياس منتجة لكون مؤدّى اجتهاده حكم الله في حقّه ، وحينئذ يصير " فقيهاً " وعلمه المأخوذ في تلك النتيجة " فقهاً " وهذا العلم كما ترى لم يكن حاصلا عن الأدلّة التفصيليّة ، فوجب حينئذ اعتبار تعلّق الظرف " بالأحكام " ليكون المعنى : أنّ الفقه هو العلم بالأحكام الحاصلة عن الأدلّة التفصيليّة ، ومعنى حصولها عنها كون ذواتها