مختصّة بها ، على معنى اعتبار كون بعض تلك المعاني وهو المعنى المجازي مناسباً للبعض الآخر الّذي فرض كون اللفظ حقيقة فيه ، ففيه : أوّلا : منع لزوم ذلك وعدم الداعي إليه ، لكفاية المناسبة اللغويّة في صحّة التجوّز . وثانياً : منع عدم وجودها ، فإنّ مشابهة بعض تلك المعاني لبعض في وصف استنباط الحكم الشرعي منها - مثلا - كافية في صحّة التجوّز ، ومع وجودها لا معنى للإنكار إلاّ أن يرجع إلى إنكار اعتبارها وملاحظتها حين الاستعمال ، فيرجع هذا الوجه أيضاً إلى ما قرّرناه من الحجّة على نفي هذا الاحتمال . وعلى أيّ حال كان ، فهل الوضع الثابت هنا - بناءً على المختار - ثابت من باب التعيين أو التعيّن ؟ وجهان ، مبناهما على أنّ الأصل في الوضع حيثما ثبت مردّداً بينهما هل هو التعيين أو التعيّن ؟ قد يقال : بكون الأصل الثاني ، لأصالة تأخّر الحادث ، وأصالة عدم تعدّد الوضع ، وللنظر في ذلك مجال واسع ، لمكان المناقشة في كلٍّ من الأصلين . أمّا الأوّل : فلأنّ أصالة التأخّر - بعد تسليم اعتبارها ثمّ جريانها في الألفاظ - لا تفيد نفعاً في ثبوت وضع التعيّن ، إلاّ بإحراز مقدّمتين : إحداهما : ثبوت كون التقدّم من لوازم وضع التعيين وخصائصه ، على معنى عدم اجتماعه مع وضع التعيّن ، وأُخراهما ثبوت كون التأخّر من لوازم وضع التعيّن وخصائصه ، على معنى منافاته لوضع التعيين . والمقدّمة الأُولى وإن كانت لا مجال إلى إنكارها ، للزوم وضع التعيّن مسبوقيّته للاستعمالات المجازيّة ، فيلزمه التأخّر عن الصدر الأوّل الّذي حدث فيه الاصطلاح وتأسيس الفنّ وموضوعاته المتداولة ، فلا يمكن تقدّمه على حدوث الاستعمال . لكنّ المقدّمة الثانية في حيّز المنع ، لعدم منافاة التأخّر لوضع التعيين في حكم العقل ، بإمكان تحقّقه فيما بين الاستعمالات المجازيّة المتأخّرة ، التي هي في قوّة أن يحدث معها وضع التعيّن ، بدعوى : أنّ صاحب الفنّ والاصطلاح بعد تحقّق