العلاّمة في النهاية [1] وغيره في غيرها بانحصار الحقيقة العرفيّة العامّة في أمرين : أحدهما : اشتهار المجاز بحيث يصير حقيقة عرفيّة . وثانيهما : تخصيص الاسم ببعض مسمّياته . فما يستظهر من بعضهم من أنّ العرفيّة ما يستفاد منه المعنى في العرف مطلقاً وإن كان المعنى أصليّاً ، غفلة واضحة ، وكأنّ منشأها القصور عن فهم حقيقة مرادهم من الأصل المذكور المتّفق عليه عندهم . وقد عرفت أنّه ليس لبيان الاتّحاد فيما بين الحقيقة اللغويّة والحقيقة العرفيّة المأخوذة في الطرف المقابل للّغويّة ، ومن المستحيل اتّحاد المتقابلين . وأضعف منه ما عن بعض كلمات القوم من أنّ الحقيقة العرفيّة ما يستفاد منه المعنى بحسب العرف بالفعل ، لقضائه بخروج المهجورة عن العرفيّة وإن كانت طارئة . ثمّ مقتضى ما عرفت من تصريح النهاية وغيرها ، أنّ المراد بالوضع الطارئ المأخوذ في العرفيّة ما يرادف النقل بقسميه ، فلا يتناول وضع الألفاظ المخترعة الّتي لم توضع في اللغة لمعنى ، خلافاً لما صرّح به السيّد في شرح الوافية من أنّ الوضع الطارئ هو الوضع الجديد الّذي ليس بأصلي ، دون الطارئ على وضع سابق المختصّ بالنقل ، تعليلا بأنّ الألفاظ المخترعة المذكورة من أقسام الحقيقة العرفيّة ، وهو الأوفق بظاهر إطلاقاتهم ، مع ظهور كلماتهم في انتفاء الواسطة . ثمّ العرفيّة منقسمة عندهم إلى العامّة والخاصّة ، وفرّق السيّد المتقدّم ذكره بينهما بأنّ العامّة ما لم يتعيّن واضعه " كالدابّة " فإنّها في اللغة لكلّ ما يدبّ على الأرض ، ثمّ غلب استعمالها في العرف العامّ في ذي الأربع حتّى تعيّنت لذلك ، وليست الغلبة فيها من فريق دون فريق ، أو طائفة دون أُخرى بل من الجميع ، فلذا كانت عامّة .
[1] نهاية الوصول إلى علم الأُصول : الورقة 22 ( مخطوط ) .