مشهورة أبي خديجة [1] فإنّ الحكومة من الأحكام الوضعيّة ، كما أنّ السلطنة منها ، والخلافة إمّا ولاية أو سلطنة أو هي صالحة لأن تكون منها ، وقد نصّت الآية والرواية بالجعل فيها . لكن يدفعه : منع النصوصيّة بل منع الظهور في الجعل بالمعنى المبحوث عنه ، فإنّ السلطان في الآية الأُولى مرجعه إلى إذن وليّ المقتول في القصاص ، ويؤيّده النهي المتأخّر بقوله تعالى : ( فلا يسرف في القتل ) [2] فإنّ ما قبل النهي لمّا كان موهماً لإطلاق الإذن فرفعه بالنهي عن الإسراف ، والخليفة قد جاءت لمعان : السلطان الأعظم ، والمدبّر في أُمور الناس ، والخلفة لمن سلف ، فمعنى جعله خليفة على الأوّل توفيق أسباب السلطنة وجمعها له ، وعلى الثاني خلقه بحيث يكون مدبّراً في الأرض ، أي بحيث خلق له قابليّة واستعداداً به يدبّر أُمور الناس ، وعلى الثالث خلقه بحيث يكون خلفة لمن سلف من الرسل ، وعلى أيّ تقدير كان لا ربط له بمحلّ البحث . وعلى المعنى الثاني يحمل الآية الثالثة ، بل هو المتعيّن بملاحظة ما ورد في شأن نزولها ، وجعل من جامع الصفات الواردة في الرواية حاكماً لا معنى له إلاّ إذنه في الحكم والقضاء بين الناس ، اللذين هما من مناصب الإمامة . [ 38 ] قوله : ( ومسائله هي المطالب الجزئيّة المستدلّ عليها فيه . . . الخ ) والمراد بالمطالب الجزئيّة - بقرينة ما سبق - خصوص ما يرجع إلى الأحكام التكليفيّة مع ضميمة الصحّة والبطلان ، وفيه تنبيه - كما عرفته - على خروج المباحث المتعلّقة بسائر الأحكام الوضعيّة بأنفسها عن المسائل الفقهيّة ، وقد تقدّم منّا ما يعضده وتفصيل القول فيه : أنّ الّذي يظهر - والله أعلم - أنّها بأسرها ليست كالأحكام التكليفيّة لتكون مقصودة بالأصالة ، وإنّما يبحث عنها في الفقه تبعاً