غاية الأمر أنه يحمل على غير اللزومي ، فهذا هو الوجه الوحيد في حل الإشكال في هذا القسم الثاني ، ومعه فلا تصل النوبة إلى سائر الوجوه المبنية على نوع من خلاف الظاهر . ثم إنه قد مر منا - على ما ببالي - أن ملاك التكليف الإرشادي أن لا يكون المولى في أمره أو نهيه بصدد اظهار حب أو بغض له ، ولا بصدد تحميل مطلوب جديد عليه ، ويترتب عليه أن لا ثواب ولا عقاب عليه ، وحينئذ فلا ينحصر الغرض منه في الارشاد إلى ما في الفعل من المصلحة أو المفسدة ، بل ربما كان غرضه في باب النهي أن يترك هذا المنهي ، لكي يفعل مصداقا آخر ، فيكون إرشادا إلى مالا منقصة فيه ، فلا يرد على ما في الكفاية ، ما كرره في نهاية الدراية ، من انحصار غرض الارشادي في الدلالة إلى ما في المرشد إليه من المصلحة أو المفسدة . وفي الدرر ذكر هنا وجهين لا يبعد رجوع ثانيهما إلى ما اخترناه ، ومحصل أولهما ارجاع النهي التنزيهي إلى الخصوصية الزائدة ، أعني كونها في الحمام - مثلا - وحينئذ فيكون حكمه حكم القسم الثالث الآتي ، واختار فيه أن العنوان المكروه حيث إنه غير لازم الرعاية ، فإذا اجتمع مع الواجب فاللازم بحكم العقل انتفاء وصف الكراهة فعلا ، ولكن لما كان الواجب المجتمع معه مشتملا على جهة حزازة فيكون امتثال الوجوب فيه أقل فضلا وثوابا ، لمكان تلك الحزازة ، وهذا بخلاف اجتماعه مع محرم ، حيث إن العقل جمعا بين غرضي المولى يحكم بتقييد مورد الوجوب واختصاصه بغيره [1] . " انتهى " . أقول : ويرد عليه أولا : ما عرفت من ظهور النهي في هذا القسم الثاني ، في الارشاد إلى اشتمال الطبيعة المشتملة على هذه الخصوصية على منقصة وعيب ، فيكون نهيا ارشاديا إلى المانع ، إلا أنه تنزيهي لا أنه نهي مولوي كما مر . وثانيا : أن العقل يرى على المولى الذي بصدد تحصيل جميع أغراضه اللزومية وغيرها بعد عدم امكان اجتماع أمره ونهيه على واحد كما هو المفروض ،