بعث نحو إتيان الطبيعة في الحد المذكور ، فإنما يقتضي امكان الانبعاث في الحد في الجملة ، ولا يقتضي امكانه في خصوص زمان التعلق حتى يكون الأمر بها أمرا بخصوص الفرد المزاحم في الحقيقة . وإما لدعوى أن حقيقة الخطاب لما كانت تحريك الإرادة نحو أحد طرفي المقدور فيدور سعة المتعلق وضيقها مدار سعة القدرة وضيقها ، وحيث إن الممتنع الشرعي كالممتنع العقلي ، فالفرد المزاحم غير مشمول للطبيعة المأمور بها ، إذ كونه غير مقدور يوجب ضيق قدرته عن الطبيعة الواسعة الشمول له إلى ما لا تشمله ، فيكون المأمور به غير شامل لهذا الفرد . وفيه ما عرفت : من أن التكليف متوجه إلى نفس طبيعة الصلاة أو رقبة واحدة بلا قيد أصلا ، والقدرة عليها إنما هو بالقدرة على فرد واحد منها ، كيف والكلي عين كل من أفراده . إذا عرفت هذه المقدمات فنقول : إذا كان متعلق التكليف كلي الصلاة ، وفرض كونها غير مزاحمة بشئ أصلا ، فامتثال أمرها ليس بمعنى إتيان فرد منها ، لأنه مأمور به بما أنه بوجوده الخارجي متعلق الأمر . أو بما أنه بعنوانه الشخصي تعلق به الأمر ، كيف ؟ وقد عرفت في المقدمة الثانية أن الأمر لا يتجافى عن الكلي إلى شئ من الأفراد ، بل إنما يأتي بفردها ، لأنه قد تعلق أمر المولى بكليه ، لا به ، وهذا المعنى حاصل في الفرد المزاحم ، إذ لا يعني من إتيانه بداعي الأمر أنه بما أنه فرد قد أمر به ، كيف ؟ ومن المقطوع - مع قطع النظر عن التزاحم أيضا - أنه لم يؤمر به ، وإنما يعني به إتيانه بداعي الأمر المتوجه إلى كليه ، وقد عرفت في المقدمة الثالثة : أن التزاحم لا يوجب طرو قيد على الطبيعة المأمور بها لكي لا تشمله ، فالإتيان به أيضا بداعي الأمر المتعلق بالكلي صحيح ، كالفرد غير المزاحم . نعم ، لو قلنا بتعلق الأمر بالوجود الخارجي أو العنوان الشخصي ولو بما أنهما واجد للطبيعة لكان معنى الامتثال في الفرد غير المزاحم بمعنى إتيانه بداعي الأمر المتعلق بالفرد ، فلا يكون مصير إلى الامتثال حينئذ في الفرد المزاحم ، إذ لا أمر به