نعم ، لو قلنا بتعلق الأمر النفسي بذات المقيد بلا تقييد ، وتعلق الأمر الغيري بشرائطه صح ما أفاده المحقق صاحب النهاية ( قدس سره ) ، والظاهر أن كلامه مبني عليه [1] لكنه مما لم يمكن لنا التصديق به ، كما مرت الإشارة إليه . الدعوى الثانية : عدم رجوع الثالثة إلى الأولى ، وقد أغنانا عن بيانه صاحب النهاية ( قدس سره ) ، فراجعها [2] . ثم إن ظاهر كلام التقريرات : أن القول بعدم قابلية الأحكام الوضعية للجعل يستلزم هنا في الشرائط الشرعية أن لا يكون متعلق الوجوب المقيد بما هو مقيد ، كالصلاة مع الطهارة ، بل يكون متعلقه نفس الصلاة ، إلا أن لها وجها لا يحصل إلا بالطهارة ، فهذا الوجه الواقعي أوجب تعلق الأمر الغيري بالطهارة ، لكنه مع ذلك لا يستلزم عد الطهارة - مثلا - مقدمة شرعية قبال العقلية ، إذ توقف هذا الوجه الواقعي الدخيل في الغرض على الطهارة واقعي تكويني يحكم به العقل ، فلذا فقد أمر به الشرع أيضا ، هذا . أقول : أولا : إن إنكار تعلق الجعل بالأحكام الوضعية لا يستلزم إنكار تعلق التكليف الشرعي بالمقيد ، فإن غاية الأمر أن الشرطية - مثلا - غير مجعول ، وأما إيجاب أمر خاص هو الصلاة مع الطهارة - مثلا - المعبر عنه بالمقيد بما أنه مقيد فلا مانع منه ، ولا نفهم استلزام هذا الإنكار لإنكاره . وثانيا : أني لم أوفق إلى الآن لتصور كون الواجب نفس الصلاة مع كونها متجهة بجهة لا تحصل إلا بالطهارة ، فتكون هذه الجهة أيضا مطلوبة ولا يحصل تقيد في الصلاة ، فإن هذه الجهة إذا كان تحصيلها بيد المكلف - والمفروض أن الواجب بهذه الجهة محصل لغرض المولى ، ويمكنه أن يأمر بها - فلم لا يأمر المولى بالعمل المصاحب له ، اللهم إلا أن يكون وجهه استلزام إنكار مجعولية الأحكام الوضعية لذلك ، أو ما أفاده صاحب النهاية ( قدس سره ) مما مر آنفا . وبالجملة : فلا
[1] بل هو خلاف صريحه ، إذ بناه على تعلق الأمر بالمقيد بما أنه مقيد ، فراجع . [2] نهاية الدراية : ج 1 ص 271 - 272 . ط . المطبعة العلمية .