وفي قبال هذه الدعوى ما أفاده بعض أعيان المحققين ( قدس سرهم ) [1] : من عدم معقولية النزاع في الهيأة ، إذ ليس النزاع في وضع الصيغة للطلب المكرر أو الدفعي ، بل في وضعها لطلب الشئ دفعة أو مكررا ، فالدفعة والتكرار من قيود مفاد المادة لا الهيأة انتهى . أقول : وفي جميع ما أفيد نظر وإشكال : أما ما في الفصول : فلما في الكفاية : من أن المصدر ليس أصلا للمشتقات لا بهيئته ولفظه ، ولا بمعناه [2] ، إذ هو مشتمل على نسبة ناقصة تقابل سائر النسب الموجهة في الصيغ الأخرى . نعم ، اسم المصدر الموضوع لنفس الحدث بلا انتساب يكون بمعناه ساريا في جميع المشتقات ، إذ المطلق موجود في ضمن جميع المقيدات ، والمقيد هو المطلق مع قيد ، فلو كان مفاد المصدر أيضا خاليا عن أي نسبة - كما نسب إلى الجمهور من الأدباء - صحت الأصالة ، لكنه كالنسبة محل النظر ، كما لا يخفى على المتتبع المتدبر . مضافا إلى أن أصالة المصدر ليست محل الاتفاق ، فكيف يكشف عن الاتفاق على معناه معنى غيرها من طريق الأصالة ؟ ! وأما حديث الاشتراك فهو طريق متين لكشف مفاد المادة في سائر المشتقات لو كان هاهنا اتفاق على الاشتراك وإلا فإحراز اشتراك الصيغ في المادة لا ينفع في الكشف المزبور ، وذلك أن الكلام تارة في تبين محل النزاع بين القوم وأخرى في تحقيق المطلب . فالكشف عن محل النزاع بمعونة مقدمات لا يمكن ولا يصح إلا إذا كانت جميع المقدمات مسلمة بينهم متفقا عليها ، وإلا فكون مقدمة ثابتة ومسلمة في الواقع مع احتمال عدم اعتراف بعض المنازعين بها ، مانع عن استكشاف محل النزاع كما لا يخفى . وفيما نحن فيه قد يقال : إن وحدة مادة المشتقات محل تشاجر وخلاف عند القدماء من أهل الأدب ، ومعه فلا يصح الكشف المزبور . ومنه تعرف ما في دعوى امتناع كون هذا النزاع في مفاد الهيأة ، إذ امتناعه
[1] نهاية الدراية : ج 1 ص 355 - 356 . [2] الكفاية : ج 1 ص 100 .