الثاني [1] : أنه وإن سلمنا جريانه فيه أيضا إلا أن غاية مفاده رفع خصوص المجعول والتكليف ، فليس المكلف مأخوذا بتبعته ، وهو غير مناف لمأخوذيته باحتمال دخل القيد في الغرض ، فلا يحصل من إجرائه ما هو المقصود من تجويز العمل للمكلف فعلا أو تركا . الثالث : أنه وإن سلم حكمه بجواز الترك أيضا إلا أنه فرع تطبيق الحديث على المورد ، وهو بعد مشكوك فيه . بيانه : أن الظاهر من قوله : " رفع مالا يعلمون " تعلق الرفع بتكليف موجود في الواقع لا يعلم به المكلف ، وإلا فإن لم يكن شئ في الواقع فلا شئ أصلا ، لا أن هناك مالا يعلمه وقد رفع بالحديث ، ووجه الاستفادة منه في موارد الشبهة البدوية مثلا : أن المكلف يعلم بأنه لو لم يكن تكليف أصلا فلا بأس عليه أصلا ، وإن كان فهو مرفوع بالحديث . وعلى أي فلا تبعة عليه في الدخول في الشبهة . وأما هنا فحيث إن المفروض أنه لو لم يكن تكليف أيضا فهو مأخوذ بتبعة احتمال دخل القيد في الغرض ، فلا يحصل له الأمن في تركه ، إذ لو لم يبينه الشارع - وهو دخيل في الغرض - فحديث الرفع غير جار ، والعقل حاكم بالاحتياط ، فلا يجوز الاستناد إليه في ترك القيد المحتمل ، فإنه من قبيل ا لرجوع إلى العموم في شبهته المصداقية . ويمكن الجواب عن الأول : بأن جعل التكليف اللزومي مطلقا جعل لما فيه مشقة وكلفة ، ومشقته وكلفته هي عين المشقة الموجودة في تعلق غرضه وطلبه النفساني به ، فالعلم بكون شئ مما تعلق به غرض المولى وإرادته النفسانية لا يوجب خروج الإلزام به عن كونه جعلا لما فيه مشقة ، وهكذا حكم العقل بإتيان القيد لمكان احتمال دخالته في الغرض غير موجب لأن لا يكون جعل الوظيفة الشرعية بالنسبة إليه جعلا لما فيه ثقل ومشقة ، وعليه فهو مشمول حديث الرفع . وعن الثاني : أن الظاهر لولا الصريح من رفع مالا يعلم هو ترخيص مخالفته ،
[1] أبدى هذا الوجه سيدنا العلامة السيد محمد الحسيني الكاشاني .