المطلوب الواقعي يكون أخرى أحد هذه الأمور " ، ثم قال : " قصارى ما يمكن أن يدعى : أن تكون الصيغة موضوعة لإنشاء الطلب فيما إذا كان بداعي البعث والتحريك ، لا بداع آخر منها ، فيكون إنشاء الطلب بها بعثا حقيقة وإنشاؤه بها تهديدا مجازا ، وهذا غير كونها مستعملة في التهديد وغيره [1] . انتهى . أقول : والمقطوع أن مراده بكون الصيغة موضوعة لإنشاء الطلب ، أنها وضعت للطلب الإنشائي ، لا أن الموضوع له فيها هو إنشاء الطلب ، بل الموضوع له هو نفس الطلب الذي ينشأ بها ، وهو طلب إنشائي . ودليله على مدعاه : دعوى البداهة التي ترجع إلى التبادر القطعي . وأنا أقول : إن ما ذكره من أن المستعمل فيه في جميع الموارد معنى ومفهوم واحد مما لا ريب فيه كما أفاده إلا أن هذا المفهوم ليس هو الطلب ، وذلك أن المتبادر من الصيغة إنما هو تحريك اعتباري للمخاطب نحو إتيان المادة ، فالتحريك الحقيقي هو أن يؤخذ يده ويحرك بعنف - مثلا - إلى العمل المطلوب ، والتنزيلي منه هو ما يكون تحريكا ادعاء ، فالهيئة موضوعة لما هو مصداق لهذا التحريك الادعائي التنزيلي ، وهو الذي نعبر عنه بالبعث ، فالمولى إذا أمر عبده باستعمال الهيأة فكأنه حركه نحو المادة المأمور بإتيانها ، فهذا التحريك المصداقي الاعتباري هو المعنى الحقيقي الموضوع له الهيأة ، وكما تستعمل الهيأة فيه بغاية الأمر والطلب فهكذا تستعمل فيه إذا كانت الغاية سائر الدواعي المذكورة الأخرى كما أفاده . نعم ، على ما ذكرنا يكون دعوى كونها حقيقة في خصوص ما إذا كان الداعي طلب الفعل أسهل ، فإن البعث والتحريك الادعائيين التنزيليين هنا واضح ، إلا أنه مع ذلك فلا ريب في أن المستعمل فيه في سائر الموارد أيضا ، هو تحريك ادعائي لإحدى الغايات والدواعي المذكورة ، والأمر سهل . ثم إن الأمر في سائر الأدوات المستعملة في إنشاء الاستفهام والتمني