يجعل اللّفظ مرّة لهذا المعنى ، ومرّة لذاك ، وأخرى للثالث . . . فلو كانت المعاني غير متناهية فالأوضاع كذلك ، لكنّ صدور الوضع غير المتناهي عن المتناهي محال . قال في ( المحاضرات ) عن هذا الجواب بأنه متين جدّاً . فأشكل شيخنا : أوّلا : إن باب الوضع هو باب الجعل ، وإنه لا ريب في أنّ المجعول في القضايا الحقيقيّة أحكام غير متناهية كما فرضوا ، إذ الجعل والمجعول في القضايا الحقيقيّة يتعدّدان بعدد الأفراد بإنشاء واحد ، فأيّ محذور لأنْ يوضع اللّفظ بجعل واحد للمعاني المتعدّدة ؟ فهذا إشكال نقضي . وأيضاً : لازم ما ذكر هو إتحاد العصيان في موارده ، والحال أنّ شرب هذا الخمر معصية ، وشرب ذاك معصية اُخرى ، وهكذا الثالث . . . وكذلك الإطاعة . وتلخّص : إن الأحكام متعدّدة بالبرهان ، وباختلاف الإطاعة والعصيان ، وإذا تعدَّد المجعول تعدّد الجعل ، لأن الجعل والمجعول في الحقيقة واحد . وثانياً : إن صدور الأفعال غير المتناهية من النفس الإنسانيّة لا إشكال فيه ، والدليل عليه نفس الدليل على المجعولات غير المتناهية في القضيّة الحقيقيّة . وهذا هو الحلّ . وأجاب المحقق الخراساني ثالثاً : بأنّ الوضع مقدمة للاستعمال ، والاستعمال متناه ، لكونه فعلا خارجيّاً وليس كالأفعال النفسانية ، فجعل الألفاظ غير المتناهية للاستعمالات المتناهية باطل .