وثانياً : أيّ محذور يترتّب حتى على المبنى المذكور ؟ إنّ الملازمة بين اللّفظ والمعنى ليست فعليّة ، بل هي اقتضائية ، كما نبّه عليه المحقق الإصفهاني ، بمعنى أنه لو حصل العلم بالملازمة ، فإن التلازم بين اللّفظ والمعنى يوجب حضور المعنى عند الذهن عند التلفّظ بالكلمة ، وجعل اقتضائين في لفظ واحد لا يترتب عليه أيّ محال ، لأن معنى الامتناع الوقوعي هو لزوم أمر ممتنع من وقوعه ، بل إن حضور المعنيين ممكن بل واقع ، لأن كلّ تصديق يتوقّف على حضور الموضوع والمحمول والنسبة والحكم ، وكلّ هذه الأمور تحصل عند النفس في آن واحد ، إذْ النفس الإنسانية ليس كالموجودات الماديّة التي لا تقبل صورتين في آن واحد . واستدلّ للإستحالة أيضاً : بأنّ الواضع حكيم ، والغرض من الوضع هو التفهيم ، والاشتراك ملازم للإجمال ، وهو ينافي التفهيم ، فوقوع المشترك - لكونه نقضاً للغرض - محال من الحكيم . وقد اُجيب عنه بوجهين في ( الكفاية ) وغيرها : الأول : إنه لا يلزم نقض الغرض ، لإمكان حصول التفهيم بالقرينة كما في المجاز . وأشكل عليه شيخنا : بأنّ الاشتراك بنفسه موجب للإجمال ، والقرينة كما ذكر رافعة له ، إلاّ أن الكلام في حكمة ذلك ، وأنه ما الغرض من إيجاد المنافي للغرض ثم رفع المنافي بإقامة القرينة . . . لقد كان لهذا حسنٌ في باب المجاز ، فما الدليل على حسنه في باب المشترك ؟ والثاني : إنه قد يتعلَّق الغرض بالإجمال . وأشكل عليه الأستاذ : بإمكان الإجمال لا بوضع المشترك ، فكما يقول :