الموجودين عيناً أو ذهناً ، إلاّ أن الموضوع له ذات تلك النسبة المتقوّمة بهما ، من دون دخل لوجود طرفيها في كونها طرفاً للعلقة الوضعيّة ، وإنْ كان لهما دخل في ثبوتها . . . » [1] . وتلخّص : إن معاني الحروف ليس هو الوجود الرابط ، بل الموجود بالوجود الرابط ، وقد وقع الخلط بينهما في كلمات المستشكل ، واتّضح بطلان القول بأن الوجود الرابط لا ماهيّة له ولا ذات . بل للحرف ماهيّة ، لكنها ناقصة ، بمعنى أنها متقوّمة بالطرفين ، فلا تكون قابلة للإحضار في الذهن إلاّ مع الطرفين . إن الذي يدخل الذهن هو الماهيّة وليس الوجود ، إذ الوجود إما ذهني أو خارجي ، فدخول الوجود الذهني يستلزم اجتماع المثلين ، ودخول الوجود الخارجي يستلزم اجتماع المتقابلين ، فالوجود غير قابل لدخول الذهن ، وهذا ما صار سبباً للإشكال المتقدم ، إذ جعل المعنى الحرفي الوجود الرابط ، فوقع الإشكال . إن الذي يدخل في الذهن هو الماهيّة ، والماهيّة تارة تكون بحيث تدخل بنفسها ، وتارة تدخل مع غيرها ، فالنسبة بين زيد والدار ، وكونه فيها المدلول بلفظ « في » هذا المعنى ليس هو الوجود بالوجدان ، لكن دخوله في الذهن لا يكون إلاّ بوجود زيد والدار معه . فهذا هو مطلب القوم ، والإشكال المذكور غير وارد عليه .
[1] الأصول على النهج الحديث ( بحوث في الأصول ) : 26 ط جامعة المدرّسين .