وكذلك الحال في المعاني ، فإن هناك معنىً قائماً بنفسه ، ومعنىً غير قائم بنفسه بل ذاته التعلّق بالغير والقيام بالطرفين ، وهذا القسم هو حقيقة النسبة ، إذ النسب في جميع القضايا ذاتها التعلّق والقيام بالمنتسبين ، إذ بمجرد فرض وجود للنسبة في قبال المنتسبين يلزم احتياجها إلى النسبة ، وهذا الثالث يحتاج إلى نسبة ، وهكذا . فوزان حقيقة النسبة وزان الوجود الرابط ، فكما أنّ في ذات الوجود الرابط التعلُّق وعدم النفسيّة ، فكذا قد وقع التعلّق وعدم الاستقلال في ذات النسبة . ومعاني الحروف من هذا القبيل . إنّ النسبة التي تحصل بين زيد والقيام في زيد القائم - الذي هو مركّب ناقص - هي مدلول هيئة زيد القائم . والنسبة الحاصلة في زيد قائم - التي هي جملة خبريّة - مدلول هيئة الجملة الاسميّة . والنسبة الحاصلة بين السير وبين المتكلّم هي مدلول هيئة سرت . والنسبة الحاصلة بين السير والبصرة - نسبةً ابتدائيةً - هي مدلول كلمة « من » الموجودة في الكلام . والنسبة الحاصلة بين زيد والدار - نسبة الظرفية - مدلول لفظة « في » . إذن ، جميع النسب إما هي مدلولات الحروف أو هي مداليل الهيئات . واتّضح أن المعنى الحرفي هو الواقع الذي يتحقّق به الربط بين أجنبيين ، فهذا الواقع هو معنى الحرف ، وهو غير مفهوم لفظ النسبة ، وغير مفهوم لفظ الربط ، بل بين مفهوم الربط وواقعه ومصداقه تباين ، لأن مفهوم الربط مفهوم اسمي ، محتاج إلى الربط ، مستقل في التعقّل ، بخلاف واقع الربط