به أحد ولكن لم يقم الإجماع على بطلانه أيضا بل عمل بكلّ واحد من طرفي التّفصيل جماعة كثيرة فلا بأس بالعمل به إذا كان ظاهر الأخبار المعتبرة مثلا اجزاء الحجّ عن الميّت إذا أتى به من ماله فهو موافق لقول جمع من الفقهاء القائلين بصحّة الحجّ عن الميّت مطلقا سواء أتى به من ماله أو من مال الميّت وعدم اجزاء الحجّ عن الميّت إذا لم يكن من مال الصّرورة فهو موافق لقول المشهور من عدم إجزاء حجّه عن حجّ الميّت مطلقا سواء كان من ماله أو من مال الميّت والحاصل انّ كلّ طرفي التّفصيل موافق لمذهب جماعة كثيرة من الفقهاء فلا مانع من العمل به إذا كان ظاهر الحديثين المذكورين الثّاني انّه إذا أتى بالحجّ للميّت فزال استطاعته هل يجب عليه الإتيان بالحجّ متسكَّعا أم لا بل يسقط عنه فالأوّل خلاف ظاهر الحديثين والثّاني خلاف ظاهر الآية * ( ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) * إلَّا أن يقال إنّ الآية تدلّ على وجوب الحجّ مطلقا لنفسه أو لغيره ولكنّه بعيد جدا .
ثانيها أن يراد بهما إنّ الصّرورة إذا كان مستطيعا لا يجزي عنه الحجّ إلَّا إذا أتى به من ماله أي لنفسه لا لغيره فان أتى به لنفسه يجزي عنه وعن الميّت أيضا وفيه أوّلا انّ اجزاء الحجّ الذي أتى به لنفسه عن الميّت مخالف للقواعد المقررة في أبواب الفقه بل الإجماع قائم على خلافه ولا ريب انه مخالف لمذاق الفقهاء ثانيا تقييد اجزاء الحجّ عن الميّت بكون الصّرورة ذا مال لا معنى له فلا وجه لقوله ( ع ) ( إن كان للصّرورة مال ) لانّ المناط في الاجزاء على هذا التّفسير هو الإتيان بالحجّ لنفسه فقط ولا دخالة لكونه ذا مال في الحكم إلَّا أن يتفصّى عن هذا الإشكال بأن يقال انّ قوله ( ع ) إن كان للصّرورة مال إلخ يعني سواء كان الصّرورة ذا مال أو لم يكن ذا مال .
ثالثها أن يكون المراد من الحديثين المذكورين انّ غير المستطيع من الصّرورة يجوز أن يحجّ عن الميّت وامّا المستطيع ( فليس يجزي عنه ) يعني عن الميّت ( حتى يحجّ من ماله ) يعني لنفسه ( وهي تجزي عن الميّت ) يعني والحجّة التي يأتي بها بعد حجّه لنفسه تجزي للميّت ولكنّه مخدوش من وجهين .
أوّلهما انّ إرجاع الضّمير إلى الحجّ الذي يأتي به بعد حجّ نفسه بعيد في الغاية .

322