قلت أوّلا ليس في شريعة موسى ركوع خصوصا في الجماعة مع الرّاكعين وثانيا لمّا كان شريعة موسى منسوخة فلا مهمّ في أمرهم بالإتيان بعباداتهم في القرآن الذي هو ناسخ لشريعته .
وثالثا بنو إسرائيل كانوا يأتون بعباداتهم وأحكامهم بدون التّأكيد من القرآن أيضا .
ورابعا القرائن المقاميّة والمقاليّة سابقا ولا حقا والتّفاسير الموجودة تشهد على إنّ المراد هي العبادة الواردة في شريعة الإسلام .
وقد يستدلّ على المطلوب أعني تكليف الكفّار بالأحكام بوجوه مخدوشة كلَّها أو أكثرها الأوّل قوله تعالى في سورة السّجدة أو فصّلت آية 5 * ( وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ ) * بناء على إنّ اللَّام في قوله ( المشركين ) للعهد الذّهني يعني إثبات الويل لحصّة معهودة من المشركين أو للجنس حتّى يشمل كلَّهم لأنّهم هم الَّذين لا يؤتون الزكاة .
ولكنّ هذا المعنى بعيد في الغاية وضعيف إلى النّهاية وذلك لأنّ إثبات الويل لصفة الشرك أولى من الإثبات لمنع الزّكاة ولا يبعد أن يكون المراد إثبات الويل لمانع الزّكاة إذا كان منعه لها كاشفا عن عدم اعتقاده بالوجوب وكونه مشركا واقعا وإن كان بحسب الظَّاهر مسلما ومؤمنا وعلى هذا فقوله تعالى * ( الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ ) * بيان لقوله تعالى * ( وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ) * فالمعنى واللَّه ورسوله اعلم ( ويل للذين لا يؤتون الزّكاة لشركهم وعدم اعتقادهم بالمكلَّف بالكسر والمكلَّف به .
ولعلّ هذا المعنى أبلغ والطف من الأوّل وذلك لانّ فيه إشارة إلى إنّ الويل ثابت لمانع الزّكاة لكونه مشركا واقعا بخلاف الأوّل فإنّه يثبت الويل للمشركين لكونهم مانعين للزّكاة لا لشركهم ويؤيّد هذا المعنى أيضا ما في تفسير البرهان قوله تعالى * ( ووَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ) * فهم الَّذين أقرّوا بالإسلام وأشركوا بالأعمال وهو قوله تعالى * ( وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِالله إِلَّا وهُمْ مُشْرِكُونَ ) * يعني بالأعمال إذا أمروا بأمر عملوا خلاف ما قال اللَّه فسمّاهم اللَّه مشركين .
وأمّا تفسير المشركين بالَّذين أشركوا بالإمام الأوّل وهم بالأئمة الآخرين كافرون كما

213