الثّاني بناء العقلاء على حجيّة قول أهل الخبرة في كلّ فنّ سواء كان أعلم أم لا ولذا ترى إنّ الأطبّاء كلَّهم مشغولون بالطَّبابة وكذا كلّ مهندس ومعمار وبنّاء مشغول بشغله وصانع في صنعته بدون أن يلتزمون بالرّجوع إلى الأعلم منهم .
لا يقال الرجوع إلى المفضول في كلّ فنّ يلزم التّرجيح بلا مرجّح بل ترجيح المرجوح على الرّاجح وهو قبيح عقلا لا يجوز ارتكابه أصلا .
لأنّه يقال الرّجوع إلى المفضول قد يكون راجحا من جهة أخرى غير جهة الأعلمية مثل أن يكون أقرب من الأعلم أو أعرف أو أقل مؤنة أو أسهل أو غير ذلك من الجهات فان العقلاء يراجعون إلى الطَّبيب المفضول أيضا لجهة من هذه الجهات ونحوها ولا يلزم ترجيح المرجوح على الرّاجح كما لا يلزم في اختيار خبز الشّعير على خبز الحنطة إذا كان أقل قيمة أو أسهل تناولا أو غير ذلك من الجهات بل هو عين ترجيح الرّاجح على المرجوح بنظره وهكذا في المقام يمكن أن يكون نظر العقلاء بان تقليد المفضول أسهل أخذا أو عملا فيرجعون إليه وكيف كان فان كان تقليد الأعلم بنظر الشّارع واجبا ومتعيّنا فعله فعليه البيان وردع النّاس عن الرّجوع إلى كلّ فقيه وحيث لم يردعهم عن ذلك فهو دليل على عدم تعيّنه كما لا يخفى .
المسئلة 146 بناء على إنّ المدار على تقليد الوارث وفرض اختلافهم في التّقليد فبعضهم يقلَّد عن فقيه يقول بوجوب القضاء عن البلد وبعضهم عمّن يقول بالاكتفاء بالميقاتي فالظَّاهر أنّه يجب على الأوّل نصف مؤنة الحجّ البلدي وعلى الآخر نصف مؤنة الحجّ الميقاتي لا أزيد ولا احتياج إلى التّرافع عند الحاكم إلَّا أن يقال انّ وجوب إخراج مؤنة الحجّ من أموال الميّت نظير الكلَّي في المعيّن من تمام المال فعلى كلّ واحد من الورثة إخراج مؤنة الحجّ فإذا كان تقليد أحدهم يقضي إخراج مؤنة الحجّ البلدي وعدم موافقة باقي الورثة في التّقليد فعليه إتمام المؤنة من ماله فما يؤدّيه سائر الورثة يؤخذ منهم وعليه بقيّة المؤنة للحجّ البلدي .
ولا يخفى انّه على هذا المبنى كما اختاره في المستمسك يمكن أن يوجب امتناع البقيّة عن تحمّل مؤنة الحجّ البلدي للنّزاع والخصومة وعليهم الرجوع إلى القاضي لرفع

313