الثّاني إن نقول بوجوب تقليد الأعلم وكان الأعلم في زمان حياة الميّت منحصرا في واحد وكان هو حجّة عليه فقط دون غيره فكان تكليفه ما حكم به الأعلم من الميقاتي أو البلدي .
ولكن الظَّاهر بطلان كلا الوجهين امّا الأوّل لأنّ دليل التقليد إن كان قوله ( ع ) فامّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلَّدوه [1] فلا إشكال في إنّ التّقليد مأخوذ من قولك قلَّدتها القلادة كما في القاموس فهو أن يعلَّق قلادة التّكليف على عنق المجتهد ولا ريب في انّه لا يتحقّق إلَّا بعد أن يعمل برأيه لا قبله وإن التزم بالعمل برأيه بل وإن أخذ رسالته بل وإن عمل بسائر الأحكام أيضا غير الحجّ وإن كان الدّليل ما يدلّ على وجوب الرّجوع إلى العلماء مثل قوله ( ع ) وامّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجّتي عليكم وانا حجّة اللَّه [2] فإنّه أيضا لا يدل على مطلق الرّجوع بدون العمل وذلك لانّه ( ع ) أوجب الرّجوع إليهم في الحوادث الواقعة مثلا الرّجوع إلى الرّاوي في القصر والإتمام لا يكون رجوعا إلَّا بعد العمل بإحدى الرّوايتين ولا يكون الرّاوي حجّة على النّاس إلَّا بعد العمل بقوله فان قيل لم قصّرت في الصّلوة يجيب بأنّي رجعت إلى الفقيه فقال قصّر ولا ريب في إنّ الاحتجاج بقول الفقيه لا يصحّ إلَّا بعد العمل بقوله كما هو أوضح من أن يخفى .
وإن كان الدّليل هو الأمر بأخذ الأحكام من الأشخاص المعيّنة بعد إلقاء خصوصيّة الشّخص مثل قوله ( ع ) في نقل العقرقوفي قلت لأبي عبد اللَّه ( ع ) ربّما احتجنا ان نسئل عن الشّيء فمن نسأل قال عليك بالأسدي يعني أبا بصير [3] ومثل ما رواه عليّ بن مسيّب الهمداني قال قلت للرّضا شقّتي بعيدة ولست أصل إليك في كلّ وقت فممّن آخذ معالم ديني قال من زكريّا بن آدم القمّي المأمون على الدّين والدّنيا [4] .
ومثل ما رواه حسن بن عليّ بن يقطين عن الرّضا ( ع ) قال قلت لا أكاد أصل إليك

[1] في الباب العاشر من أبواب صفات القاضي من أوّل كتاب القضاء من الوسائل .
[2] في الباب العاشر من أبواب صفات القاضي من أوّل كتاب القضاء من الوسائل .
[3] في الباب الحادي عشر من أبواب صفات القاضي من كتاب قضاء الوسائل .
[4] في الباب الحادي عشر من أبواب صفات القاضي من كتاب قضاء الوسائل .

310