نفسه وأجاب عنه بما لا جدوى للتعرض له إلى أن قال ) وقد تحصّل من جميع ما ذكرنا إنّ الوصيّة بالحجّ نافذة ولو كانت أزيد من الثّلث .
أقول فيما أفاده دامت بركاته مجال للنّظر لأنّك قد عرفت الأخبار الدّالة على إخراج الحجّ المستحبّ عن الثلث آنفا فلا وجه للتّمسّك بإطلاق موثّق ابن بكير ولا خبر محمّد بن عبد اللَّه وذلك لأنّهما على فرض إطلاقهما يقيّدان بالأخبار الخاصّة المذكورة المفصّلة بين الحجّ الواجب والمستحب وانّ الأوّل يخرج من الأصل والثّاني من الثلث وكذا الأخبار الدّالة على عدم نفوذ الوصيّة في الزّائد عن الثلث تخصّص بهذه الأخبار المفصّلة مثلا إذا قيل لا تكرم العلماء ثم قال أكرم الفقهاء ثمّ قال أكرم الفقهاء إن كانوا عدولا ولا تكرمهم إن كانوا فسّاقا فلا ريب في إنّ الأخير يخصّص كلا العامّين الأوّلين فقوله ( أكرم الفقهاء إن كانوا عدولا ) مخصّص لقوله ( لا تكرم العلماء ) وقوله ( لا تكرمهم إن كانوا فسّاقا ) مخصّص لقوله ( أكرم الفقهاء ) فهكذا الكلام فيما نحن فيه إذا قال المولى مثلا ( الوصيّة في الزّائد على الثلث ليست بنافذة ) ثمّ ورد في موثّق ابن بكير وخبر محمّد بن عبد اللَّه نفوذ الوصيّة في الحجّ مطلقا ولو في الزّائد على الثلث ثمّ ورد في الأخبار المفصّلة المذكورة نفوذ الوصيّة في الزّائد على الثّلث في الحجّ الواجب وعدم نفوذها في الحجّ المستحبّ فلا ريب في إنّ القسمة الأولى من المفصّل تخصّص الأخبار الدّالة على عدم نفوذ الوصيّة في الزّائد على الثّلث وإنّ القسمة الأخيرة منه تخصّص موثّق ابن بكير وخبر محمّد وأمثالهما كما لا يخفى .
ثمّ قال العلَّامة المذكور كما نسب إليه في تقريراته وبعد فللمناقشة في ذلك مجال واسع وذلك لانّ كلمة ( ماله ) الموجودة في موثّق ابن بكير وخبر محمّد بن عبد اللَّه كما يحتمل كونه بكسر اللام فمعناه المال المنسوب إلى الميّت كذلك يحتمل كونه بفتح اللَّام بان تكون ( ما ) موصولة واللَّام جارّة فعلى هذا الاحتمال لا يتمّ دلالتهما على المدّعى وهو نفوذ الوصيّة أزيد من الثّلث في خصوص الحجّ ولا أقلّ من إجمال الحديثين إن لم نقل بظهورهما في الاحتمال الثّاني فلا يمكن الاستدلال بهما على جواز الوصيّة بالحجّ بأزيد من الثلث على الإطلاق فالمتّجه أن يقال إنّ الحجّ الذي أوصى به إن كان حجّا ندبيّا

297