وأمّا الخامس ففي تقديمه على الورثة ممّا لا اشكال فيه بعد قوله تعالى * ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ) * كما مرّ آنفا .
ويدلّ عليه أيضا بعد الآيات والأخبار وأمّا السّادس فهو أيضا ممّا يدلّ عليه إجماع المسلمين والآيات والأخبار من الأئمّة المعصومين ( ع ) . تبصرة قد يقال بتقديم دين النّاس على الحجّ لأهميّته وفيه انّه إن كان المراد انّ أداء الدّين أهمّ بنظر الشّارع فهو منوط بان يكون القائل عالما بالغيب أو جاء إليه الوحي وإن كان المراد انّه بحكم العقل لإمكان عفو اللَّه عن حقوقه بالتّوبة والإنابة ولكنّ أكثر النّاس لا يتنازلون عن حقوقهم لخساستهم ولئامتهم فالعقل حاكم بلزوم أداء حقّ النّاس .
ويؤيّد ما ذكر ما ورد عن سعد بن طريف عن أبي جعفر ( ع ) قال الظَّلم ثلاثة فظلم لا يغفره اللَّه وظلم يغفره اللَّه وظلم لا يدعه اللَّه فاما الظَّلم الذي لا يغفره اللَّه فالشرك وامّا الظلم الذي يغفره اللَّه فظلم الرّجل نفسه فيما بينه وبين اللَّه فامّا الظَّلم الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد [1] ففيه أوّلا انّه لا يوجب أهميّة حقّ النّاس لإمكان أهميّة حقّ اللَّه تعالى وإن كان عفوه تعالى أسهل وثانيا لعلَّه تعالى لا يدع حقّ الناس إذا كان بلا معارض .
وأمّا إذا دار الأمر بينه وبين حقّ اللَّه تعالى وكان في الواقع حقّ اللَّه تعالى أهمّ وامتثل حقّ اللَّه تعالى فكونه عاصيا غير معلوم بل معلوم عدمه وذلك لإمكان عدم فعليّة حقّ النّاس في مقابل حقّ اللَّه تعالى فلا يجب مراعاته ولا ريب في انّ مراعاة حقّ النّاس واجب إذا أمر به الشّارع وإلَّا فلا يجب أصلا بل لا حقّ لهم إن لم يجعل اللَّه تعالى لهم حقّا ولذا يحلّ أموال الكفّار ودمائهم للمسلمين في باب الجهاد وغيره فالعمدة مراعاة ما هو الأهمّ بنظر الشّارع وقد مرّ الكلام في الرّواية في المسئلة 61 فراجع وكيف كان فإن أخذنا بالروايتين المذكورتين واستظهرنا منهما تقديم الحجّ فلا اشكال وإلَّا فمقتضى القاعدة توزيع التّركة على الحجّ والزكاة والصّلوة والصّوم وسائر الدّيون كلّ بحسبه وكيف كان فان وقت حصّة الحجّ في صورة التّحصيص والتّوزيع أو تمام التّركة

[1] في باب الظَّلم من كتاب الكفر والايمان من أصول الكافي .

275