إذا أتى بالأهمّ لعدم القدرة على الجمع بينهما بخلاف ما إذا لم يأت بالأهمّ فوجوب الإتيان بالمهمّ بلا مانع فان لم يأت به فقد عصى أمر المهمّ أيضا وعلى هذا فيجب أوّلا الإتيان بالأهمّ ومع العصيان فالإتيان بالمهمّ ولكنّ هذا التّرتب ليس شرعيّا بل بحكم العقل والحكم فيهما فعليّ شرعا كما لا يخفى فعلى هذا فان أتى بالحجّ فلا موجب لفساده وبطلانه كما عرفت ممّا حقّقناه بل هو حكم فعليّ فان كان الحجّ أهمّ من الواجب الآخر فلا إشكال في تنجّزه وأمّا إن كان غيره أهم فالمتنجّز هو الأهمّ ولا تنجّز لأمر الحجّ إلَّا إذا لم يأت بالأهم فيتنجّز حكم المهمّ لقدرته على إتيانه حينئذ وإن لم يكن أحدهما أهمّ فهما واجبان مطلقان أيضا فالمنجّز أحدهما تخييرا لعدم قدرته على الجمع بينهما وكيف كان فكلَّما أتى بالحجّ فهو يجزي عن حجّة الإسلام وإن كان غيره أهمّ كما لا يخفى .
تبصرة 1 - قد ظهر ممّا حقّقناه انّه لا فرق بين أن يكون التّزاحم في عام الاستطاعة أو بعده بسنة أو سنوات فلا وجه لما في العروة الوثقى من الفرق بينهما وانّه لا أمر للحجّ في الأوّل فلا يجزي عن حجّة الإسلام وانّه في حكم المتزاحمين في الثّاني وهذا لأنّك عرفت إنّ كليهما من باب التّزاحم كما عرفت مفصّلا .
تبصرة 2 - فقد ظهر ممّا حقّقناه حكم ما لو استلزم الحجّ فعلا محرّما كالنّظر حراما إلى أجنبيّ أو أجنبيّة أو قطع صلة رحم فقد عرفت انّه أوّلا ليس تحريمه مانعا عن تحقّق الاستطاعة لعدم اشتراطه في الاستطاعة في لسان الأخبار وثانيا فالمانع عن تحقّق الاستطاعة على فرض تسليمه إنّما هو إذا ترك المنهيّ عنه وامّا إذا أتى به فلا يمنع النّهي بمجرّده عن تحقّق الاستطاعة وكيف كان فالاستطاعة حاصلة مع ترك امتثال النّهي كما لا يخفى فكلّ من النّهي والأمر بالحجّ مطلق فان كان الأمر بالحجّ أهمّ بنظر الشّارع فلا ريب في اجزاء حجّه عن حجّة الإسلام وإن كانت مصلحة الحجّ بمقدار مفسدة الحرام فهو مخيّر عقلا في امتثال أيّهما شاء وإن كانت مفسدة الحرام أكثر وكان أهمّ فالمنجّز منهما هو الحرام وإن كان الأمر بالواجب أيضا فعليّا وحينئذ فان أتى بالحجّ وارتكب الحرام فالأمر بالحجّ أيضا منجّز لقدرته على الإتيان به مع ترك امتثال النّهي

188