من العضد مع أنّه مقدّمة للعلم أيضا كما لا يخفى وكإدخال جزء من الرأس لغسل الوجه فإنّه ممّا لا يمكن تحققه عادة إلا به مع أنّه مقدّمة للعلم أيضا ولذا اختلف الأنظار بين من جعله مقدّمة وجودية عادية كالعضدي والمحقق الخوانساري والسّيد المحقق الكاظمي والمحقق القمّي رحمه الله وبين من جعله مقدّمة علمية كصاحب الفصول وغيره وكيف كان ففي دخول المقدّمة العلمية في محلّ النزاع بحث وخلاف وصرّح الفاضل التوني بأنّه لا خلاف في وجوبها ومقتضاه خروجها عن محلّ النزاع حيث ادّعى وجوبها حتّى على القول بعدم وجوب المقدمة وربما قيل أو يقال بعدم وجوبها حتّى على القول بوجوب المقدّمة فتخرج عن محلّ النزاع أيضا وما استدلّ لخروجها أو يمكن أن يستدل به وجهان أحدهما ما يستفاد من كلام السّيد السّند صدر الدّين في شرح الوافية حيث قال إن تقسيم المقدّمة إلى مقدّمة الوجود ومقدمة العلم ليس على ما ينبغي لأن العلم بالواجب إمّا أن يكون واجبا أو لا فعلى الأوّل تكون مقدّمة العلم مقدمة للوجود لا مقدّمة للعلم بالواجب وعلى الثاني فليست هي مقدّمة لشيء يكون واجبا فتكرار الواجب عند الاشتباه على أحد التقديرين داخل في مقدّمة وجود الواجب وهو العلم وعلى الآخر ليس مقدّمة لشيء واجب فكيف يدلّ على وجوبها الأمر بالواجب كما يدلّ على وجوب مقدّمات وجوده وجه الاستفادة أنّه بناء على صحّة ما ذكر تكون مقدّمة العلم الَّتي جعلوها في مقابل مقدّمة الوجود خارجة عن محلّ البحث خروجا موضوعيّا على أحد التقديرين وحكميّا على التقدير الآخر وفيه أنا نختار الشق الأوّل وهو كون العلم واجبا ونلاحظ حينئذ حال الواجب لا حال العلم وهذا هو محلّ الكلام وهو المراد بالمقدّمة العلمية وإلَّا فلا يخفى على أحد أن مقدّمات العلم إذا كان واجبا حالها كحال غيرها من الوجوديّة فالكلام في أنّ العلم بالواجب لما كان واجبا فهل الأمر به يقتضي وجوب مقدّماته العلمية كما يقتضي وجوب مقدماته الوجودية أو لا ودعوى أنه على تقدير وجوب العلم تكون المقدمة مقدّمة للوجود لا للعلم ناشئة من عدم الإصابة بمراد القوم منها وأن المقصود معرفة حالها من حيث اقتضاء الأمر بأصل الواجب لوجوبها ومن هنا قال بعض الفحول إن وجوب تحصيل العلم في موارده غيري إذ الواجب هو العمل المعلوم دون نفس العلم وهذا الكلام وإن كان فيه بعض الكلام إلا أنه جيّد في إصابة المرام حيث لاحظ حال الأمر بالمعلوم لا حال أصل العلم فافهم وتدبر ثانيهما أنّ تحصيل العلم واجب نفسي مستقلّ على حدّ سائر الواجبات الشرعية كما يستفاد من الوافية وبعض عبارات الحاشية وحينئذ فلا يدلّ الأمر بالشيء الواجب على وجوب مقدّمات العلم به إذ لا سبيل لدلالة الأمر بأحد الواجبين النفسيّين على وجوب مقدّمات الآخر وفيه أن كون وجوب تحصيل العلم نفسيّا خارج عن طريقة القوم ولم يقل به أحد من الأصحاب في شيء من الأبواب في غير العلم بالمعارف الإلهية نعم ذهب بعضهم إلى وجوبه النفسي بالأحكام الشرعية كالمولى الأردبيلي ومن تبعه وأمّا العلم بالموضوع وحصول الواجب فلم يقل أحد بوجوبه النفسي فإنّ وجوب الاحتياط مع العلم الإجمالي ليس وجوبا نفسيّا عند أحد حتى عند الأخباريين القائلين بالاحتياط لأجل الأخبار فإن خلافهم مقصور على الشبهات التحريميّة وأمّا الوجوبيّة فالقوم بين من لا يقول فيها بوجوب الاحتياط وتحصيل العلم بالواجب وبين من يرى وجوبه غيريّا وما يتوهّم من بعض الأخبار الخاصة الواردة في الموارد المخصوصة كالصّلاة إلى أربع جهات عند اشتباه القبلة والصّلاة في كلّ من الثوبين عند اشتباه الطَّاهر بالنّجس وكترك الإناءين المشتبهين ونحو ذلك فلا دلالة لشيء منها على أنّ وجوب تحصيل العلم نفسيّا أمّا الأوّل فهو على خلاف المقصود أدلّ فإنّه صريح في الاكتفاء بأربع جهات ولو لم يحصل العلم بإصابة شيء منها الواقع وأمّا الثّاني فمع إمكان حمله على الإرشاد لا يثبت به قاعدة كلَّية في جميع الأبواب وأمّا الثالث فلا دخل له بالمقام لأن الترك ليس مقدّمة الواجب مع أن التعدي عن مورد الرّواية مشكل غاية الأمر يثبت به وجوب تحصيل العلم في الشبهات التحريميّة وأمّا الشّبهات الوجوبية فلا وجه للقول بالوجوب النّفسي فيها مع مخالفته للإجماع وإذا لم يكن وجوبه نفسيّا تعيّن أن يكون غيريّا كما صرّح به بعض الأجلَّة وعليه فتدخل في محلّ النزاع كما لا يخفى ويدفعه عدم انحصار الوجوب بعد منع النّفسي في الغيري حتى يتعين أن يكون غيريّا بل وهنا وجه ثالث وهو أن يكون وجوبه إرشاديا عقليّا وعليه فتخرج المقدّمات العلمية عن محلّ النزاع لأنّ المتنازع فيه إنما هو الوجوب الشّرعي كما سيأتي لا يقال إذا حكم العقل بوجوبه إرشاديا فيثبت بالملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع هنا الوجوب الشّرعي أيضا فيستفاد من الخطاب التزاما ولو كان غير بين لتوقفه على توسيط قاعدة الملازمة فيسري ذلك الوجوب إلى مقدّماته ويكون ذلك بخطاب الشرع ودلالته على نحو الالتزام الغير البين لأنا نقول إن قاعدة الملازمة غير جارية في الحكم العقلي الإرشادي بمعنى أنّها لا تثبت في مورده الحكم الشّرعي نعم ثبت حكم الشارع على نحو الإرشاد أيضا لا على نحو التعبّد الشرعي ففي المقدّمات لا يتصور الوجوب الشرعي