responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 200


بقوله تعالى إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون وهو نفخة بلا ضرام لأنّ الاستعمال فيما عدا القول غير منحصر في الفعل ولا في الآية المذكورة وإنكاره رأسا مصادمة للبديهي وهو كاف في المدّعى إذ المقصود في المقام إثبات الاشتراك في الجملة وتزييف كون الأمر متواطيا بين القول وغيره أو حقيقة ومجازا وأمّا تعيين المعنى المقابل للقول فيأتي الكلام فيه وممّا ذكرنا ظهر أنّ المقام ليس ممّا يرجح فيه المجاز على الاشتراك لاختصاصه بما لا يستلزم ترجيح المجاز فيه المجاز بلا حقيقة أو الحقيقة المجهولة هذا وربّما استدلّ على الاشتراك باختلاف الجمع وقد عرفت ضعفه لأنّ غاية ما يدلّ عليه الاختلاف بطلان الاشتراك المعنوي وأمّا ثبوت الوضع للمعنيين فلا بدّ فيه من التماس دليل آخر من أصل أو أمارة حجّة القول المشهور تبادر القول عند الإطلاق وقد عرفت ضعفه وصحّة السّلب عن الفعل يقال ما أمر زيد بل فعل وفيه أنّ التصريف والاشتقاق إنّما يلحقان لفظ الأمر بالقياس إلى معناه القولي أو الطَّلب بناء على كونه حقيقة في الآخر أيضا عرفا وأمّا الأمر بمعنى الفعل فهو اسم جامد لا يلحقه التصريف والسّر في ذلك مع أنّ لفظ الفعل ممّا يتصرّف هو أنّ لفظ الأمر موضوع للحدث بملاحظة نفسه وتقريره ولفظ الفعل موضوع له من حيث صدوره عن الفاعل ومن الواضح أنّ الحدث إذا لوحظ باللَّحاظ الأوّل يكون كالجامد في عدم التصرّف وإنّما يتصرّف ملحوظا باللَّحاظ الثاني فحيث ما يعرضه بعض الهيئات يكون المراد به غير القول الفعل ويصحّ سلبه عن الفعل ولذا لا يجوز سلبه مجرّدا عن الهيئة فلا يقال للفعل إنه ليس بأمر بل لأنّه فعل من باب نفي أحد المترادفين وإثبات الآخر واستدلّ بعض الفحول من السّادة على التجوز بما لا يجري إلَّا في الفعل وحاصل ما ذكره بعد ادّعاء تبادر القول عند الإطلاق وصحّة السّلب عن الفعل كما يقال ما أمر بل فعل أنّه لو كان حقيقة في الفعل لصحّ إطلاقه على كلّ فعل مثل الأكل والشّرب ويصحّ الاشتقاق منه كما يصحّ الاشتقاق من لفظ الفعل كما أنّه بمعنى القول كذلك يقال أمر يأمر مأمور كما يقال قال يقول قائل ومقول أقول وممّا ذكرنا في الجواب عن صحّة السّلب يظهر ما فيه من الاشتباه والفساد لأنّ مراد من قال بأنّه حقيقة في الفعل أنه حقيقة في المعنى الاسمي أعني نفس الفعل من حيث ملاحظة ذاته وهو حاصل الفعل المصدري لأن الفعل كالسّيل والحيض وكذلك لفظ الأمر له إطلاقان يراد به في أحدهما المعنى المصدري وفي الثاني ما تحصل من المصدر ومن البيّن أنّ الاستدلال إنّما يناسبه أو يلازمه بالمعنى الأوّل دون الثاني فما اختلط عليه الأمر ثم إن التصريف إنّما يلحق لفظ الأمر بمعنى الطَّلب أو بمعنى الحدثي المصدري لا بملاحظة القول المخصوص أعني الصّيغة لأنّه غير صالح للاشتقاق كما تقدّم ولم يقل أحد بأن الأمر حقيقة في مدلول ق ول على أن يكون معنى أمر يأمر آمر معنى قال يقول قائل ففي هذا الكلام خبط بيّن ثم إنّ القائلين بالاشتراك اختلفوا فذهب بعضهم إلى أنّ المعنى الآخر المقابل للقول هو الفعل وقيل إنّه مشترك بين القول وبين الشّأن والغرض وإدراج الفعل في الشأن وهو منقول عن أبي الحسين البصري ونقل عنه في المنية الاشتراك بين القول وبين الشيء والصّفة والشّأن والطريق وقيل هو خيرة المعارج أيضا والأظهر ما ذكرنا من كونه حقيقة في القول المخصوص وما يعمّ المعاني المذكورة لأنّ منها ما يمكن إرجاع الباقي إليه ولعلَّه الشّيء وقد تقدّم أن الاشتراك المعنوي فيما لو تعدّد المستعمل فيه وكان أحدها جامعا بين الباقي أولى من الاشتراك اللَّفظي والحقيقة والمجاز وإنّما أخرجنا الثلاثة الأوّل عن ذلك الجامع لقيام الدّليل عليه لأنّ استعمال الأمر في المعنى المصدري ليس باعتبار كونه من مصاديق الشيء وإلَّا لم يلحقه التصريف ولعلّ هذا معلوم لا شبهة فيه وكذا الحال في القول المخصوص والطَّلب ثمّ الظَّاهر أنّ كلَّا من الحدث والقول معنى حقيقي للأمر وإن كان إطلاقه على القول الكاشف عن الطَّلب مبنيا على ضرب من التجوز في ابتداء الأمر إلَّا أنّه في العرف صار حقيقة في ذلك القول فلفظ الأمر من الألفاظ المشتركة بين المعنى الوصفي وهو المعنى المصدري والاسمي وهو القول المخصوص نظير اشتراك لفظ السّيل والحيض بين المصدر وبين الماء والدّم المعهودين ويدفعه التبادر مضافا إلى أصالة عدم الاشتراك بل الظَّاهر أنّ معنى الأمر عرفا هو المعنى المصدري خاصّة أعني الطَّلب القولي وإطلاقه على نفس القول بملاحظة نفسه لا بملاحظة صدوره من الأمر ليس إلَّا كإطلاق سائر المصادر فإنّ المصدر يستعمل في المعنى الَّذي يعبّر عنه بالمفعول المطلق مطَّردا يقال ضرب ضربا وهكذا وهذا ليس مبنيا على اشتراكه لفظا كما يظهر بالتّأمّل وأمّا الفعل المعهود بين النّحويين فعدّه من إطلاقاته العرفية كما فعله بعض الأفاضل في غير محلَّه إذ الظَّاهر أنّه من مصطلحات النّحويّين وربما يظهر من المحقّق القمّي رحمه الله أنّ الأمر بمعنى القول أيضا من اصطلاح العلماء وليس من معانيه العرفية واللَّغويّة وفيه منع واضح إذ الظَّاهر أنّ الأمر في العرف قسم من أقسام الكلام كالصّدق والكذب ومثل لفظ الكلام فإنّه حقيقة عرفا فيما يتكلَّم به كما أنّه حقيقة أيضا في المعنى المصدري فالأمر والنّهي والصّدق والكذب حقائق عرفية في معنيين أحدهما الحدث وهو المعنى المصدري والثاني الأقوال المخصوصة من الخبر والإنشاء كلفظ الخبر والإنشاء فإنّهما أيضا كذلك فدعوى انحصار المعنى العرفي للفظ الأمر في خصوص المصدري كما يظهر من المحقق القمّي رحمه الله بجعل القول المخصوص من مصطلحات العلماء غير

200

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 200
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست