responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 284


عن الوجوب النفسي فقد يتوهم أنّه لا مجرى لها بزعم معارضتها بأصالة البراءة عن الصّلاة مع الغسل إلا أنّه توهم لا يلتفت إليه إذ بعد الغضّ عن كون الأصلين في مرتبة واحدة ليس حال أصالة البراءة حال أصل العدم فإنّ مؤدّاها إنما هو نفي التكليف والحرج فلا يترتّب على وجوب الغسل قبل وجوب الغير المحتمل كونه واجبا لأجله سوى نفي الوجوب النفسي بمعنى عدم ترتيب آثاره أمّا إتيان الغيرية فلا نعم لا أثر لأصالة البراءة بعد دخول وقت الغير إذ هو واجب حينئذ قطعا إمّا لنفسه أو لغيره فيلزم الإتيان به لا محالة حذرا عن المخالفة القطعية العملية وهل يجب تقديمه على ذلك الغير أم لا بل يتخير بينه وبين تأخيره عنه وجهان مبنيان على ما هو المختار في الدّوران بين التخيير والتعيين من البراءة والاحتياط لأن المسألة حينئذ من الدّوران المذكور حيث إنّه لو كان واجبا نفسيّا كان مخيّرا بين التقديم والتأخير هذا كلَّه فيما لو كان الدّليل الدّال على وجوب الواجب المشكوك قطعيّا فلو كان وجوب الغير ثابتا بدليل لفظي وجب الأخذ بإطلاقه لما عرفت آنفا من أن إطلاق طلب الشيء أي عدم تقييده بشيء أو حال مؤذن بوجوبه على كلّ حال ولازم ذلك هو كون وجوب المشكوك غيريته نفسيّا لاقتضاء غيرية وجوبه تقييد ذلك الإطلاق الَّذي قد عرفت أنّه خلاف الأصل الموصل هذا تمام الكلام فيما تعلَّق بالمقام التنبيه الرابع قد اختلفوا في أن الأصل في الأوامر بعد دلالتها على الوجوب الَّذي هو المعول عند فقد القرائن هل هو الوجوب التوصلي أو التعبدي على قولين وقد يعرّف الأوّل بما علم انحصار مصلحته في شيء والثّاني بما لا يعلم منه ذلك وليس متجه لانتقاض الأوّل عكسا والثاني طردا بكثير من التوصّليات كتوجيه الميت إلى القبلة حال الاحتضار ومواراته ونحو ذلك فالمتجه تعريف الأوّل بما لا يتوقف سقوطه على قصد القربة وبعبارة أخرى ما لا يكون الداعي في إيجابه التعبّد والإطاعة بل يكون الغرض والدّاعي منه حصوله مطلقا في الخارج بأي نحو اتفق وعلى أي وجه تحقق كما في أداء الدّين وتكفين الموتى وغير ذلك والثاني بما يتوقف سقوطه على ذلك وبالجملة ما يشترط في تحقق الامتثال به نية القربة بأي معنى فسّرت من الإخطار بالبال أو الدّاعي والمحرّك إلى وقوع الفعل من المكلَّف كما هو التحقيق أو غير ذلك كما في الصّلاة والحجّ وغسل الموتى ونظائرها ضرورة أنّه ليس الغرض من هذه الأفعال وقوعها في الخارج كيف ما اتفق بل لا بدّ في الامتثال بها إتيانها بقصد الامتثال على وجه يكون داعيه أمر المولى بحيث لا يشوبه شيء من الدّواعي الأخر ومن هنا يأتي الإشكال في صحة غسل كثير من أموات هذا الزّمان بل وسائر الأزمان الَّذي يباشره الغسّالون الَّذين هم المعدّون أنفسهم لذلك جاعلين إياه صنعة لهم ومدارا لأمر معيشتهم كسائر الصّنائع تراهم يعاملون معه في الأجرة زيادة ونقيصة بحيث يقطع أنّ الداعي لهم إلى صدور الفعل منهم ليس إلا تحصيل تلك الأجرة حتى لو علموا انتفاءها امتنعوا عن المباشرة وأين هذا من العبادة الَّتي اعتبر فيها أن لا يشوب الدّاعي فيها بشيء من الدّواعي وكيف يكون مسقطا للتكليف ومبرئا للذمة وصنع بعض المتفطَّنين للإشكال من جعل الأجرة على بعض المقدّمات أو غير ذلك من الحرف والحيل بزعمهم حصول قصد القربة بمجرّد ذلك لا يوجب للخواطر سكون و للنفس كون كيف ولو نوقش عن داعيه يرى أن الَّذي لم يك ناديه هو امتثال أمر المولى إذ ليست النّية تأديه باللَّفظ بل هو أمره معنوي لا يحصله هذا العمل الصّوري الَّذي ليس له في الحقيقة معنى والحاصل أنّ التأمل الصّادق يشهد بأنّه لا محيص من كون الداعي لعمله ما هو أجنبيّ عن أمر المولى وإن وقع منه من الحرف ما وقع واصطنع من الحيل ما صنع فقلما يتفق صدوره لصرف داعي الأمر كما يتفق ذلك بمباشرة أهليه وصواحبه وبنيه ومع ذلك فقد جرى ديدنهم واستقر عملهم خلفا عن سلف على الاكتفاء بذلك والغضّ عمّا هنالك وقد استرح السيد المرتضى رحمه الله ومن ارتضى مقالته من إنكار وجوب النية فيه بل هو عندهم كسائر الواجبات التوصلية معلَّلين بأنّه ليس الغرض منه إلا تنظيف بدن الميّت لكن لا يبعد دعوى نهوض الإجماع المحقق حجة عليه فالأولى أن يقال في رفع الإشكال تصحيحا لما استمرّت عليه الأعمال بتوسعة الأمر في قصد التقرب بحيث يعمّ المباشر والسّبب فيكتفي هو قصد المباشر إن لم يكن خالصا بقصد المسبّب الَّذي قلّ أن يكون ذلك منه لغير داعي الأمر وحينئذ فلا يقدح كون داعي خصوص المباشر أمر ورى الأمر وبالجملة الإشكال إنّما يتأتى بناء على اعتبار وقوع النية من خصوص المباشر وأمّا إذا قلنا بعدم وجوبه عليه مكتفيا بما يقع عن السّبب فلم يبق للإشكال أثر نظير أصل المباشرة في الواجبات الكفائية إذ الظَّاهر وجوب إيجادها في الخارج مباشرة أو تسبيبا ودعوى اختصاص الوجوب بالمباشرة وكون السّبب مسقطا لا مصداقا لما هو الواجب على الناس كما قيل ويقتضيه الجمود على ظاهر الخطاب مدفوعة بعد تسليم ظهور الخطاب بأن الغرض من إيجابها لما كان هو تحققها في الخارج ولذا يسقط بفعل الغير إجزاء أو غيره لم يكن لاعتبار المباشرة فيها معنى بل يكون لغوا صرفا فيكون الواجب هو الإيجاد بأحد الوجهين لمساواتهما في حصول الغرض الباعث على التكليف وهذا نظير منصوص العلَّة في المتعدّي عن مورد الخطاب إلى غيره للمناط المعلوم

284

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست