والقسم الخامس يشمل مسألة البراءة والاحتياط والتخيير العقلية التي يشخص العقل في مواردها ما هو الوظيفة تجاه الحكم الشرعي المشتبه . فكل هذه الأقسام تدخل في نطاق علم الأصول ، لأنها عناصر مشتركة ومستعملة من قبل الفقيه كأدلة على الجعل الشرعي الكلي . وبهذه الخصوصية تخرج مسائل علم الرّجال ، كوثاقة الراوي ، وأدلة الرجالي ، كقاعدة ان ترحم الإمام هل يدل على الوثاقة أولا ، أو ان من روى عنه أحد الثلاثة هل يكون ثقة أولا ؟ وذلك لأن مسائل الرّجال وأدلته وإن كانت عناصر مشتركة في الاستدلال الفقهي بمعنى ان الفقيه يستفيد منها في مختلف الأبواب ، ولكنها لا تكون لديه أدلة على الجعل الشرعي الكلي كما هو شأن المسألة الأصولية ، اما وثاقة الراوي فهي يحتاج إليها الفقيه باعتبارها موضوعا لدليلية الدليل حيث إن دليلية الخبر منوطة بوثاقة المخبر ، وما هو الدليل نفس الخبر ، فالبحث عن الوثاقة بحث عن ثبوت موضوع ما هو حكم شرعي ظاهري وليس بحثا عما يكون بنفسه دليلا للفقيه على الجعل الشرعي الكلي . واما أدلة الرجالي فهي أدلة على تلك الوثاقة لا على الجعل الشرعي الكلي فالفقيه يستعملها دليلا لإثبات موضوع الحكم الظاهري بحجية الخبر لا لإثبات الجعل الشرعي ابتداء . فإن قيل - ان حجية الخبر التي هي مسألة أصولية يستعملها الفقيه أيضا لإثبات ظهور كلام الإمام الَّذي هو موضوع للحكم الظاهري ، وما يكون دليلا على الجعل الشرعي هذا الظهور لا الخبر . قلنا - ان ما يجعله الفقيه منجزا للجعل الشرعي الكلي في مورد هذا النقض نفس الخبر لا انه يجعله وسيلة لتنجيز الكلام المنقول ، ولهذا كان المنجز تاما ولو لم يصدق النقل ، وهذا بخلافه في محل الكلام فان الفقيه لا يجعل الدليل الرجالي بنفسه منجزا للواقع بل سببا في منجزية الخبر له . وبهذه الصياغة للتعريف قد استغنينا عن إدخال كلمة ( الاستنباط ) في تعريف الأصول وحملها على الاستنباط التوسيطي خاصة لإخراج القواعد الفقهية غير الاستدلالية ، الأمر الَّذي لا مأخذ له ، فان المطلوب من القاعدة الأصولية ان تقع في