ثمَّ انَّه يمكن أن يستدل على وضع زائد لهيئة المصادر بعدة وجوه : منها - انَّا نرى الفرق بحسب الوجدان بين المصادر وبين أسمائها . وهذا لا يكون إِلَّا على أساس أخذ معنى نسبي في مدلول المصدر . وهذا الوجه لو تمَّ لكفى في أداء حقّه افتراض أخذ النسبة في مدلول المصادر المزيدة مع عدم أخذها في المصادر المجردة . إِذ بذلك يحفظ الفرق بينهما ولا يتوقّف انحفاظ الفرق على أخذ النسبة في كلّ من القسمين من المصادر . بل يمكن افتراض دخوله في مدلول المادة ولهذا نجده محفوظاً في سائر مشتقات المادة . فالبيان المذكور ينفع لتصوير الفرق بين مدلول المصدر ومدلول اسم المصدر لا لبيان انَّ هيئة المصدر لها مدلول قد وضعت لإفادته إِلَّا أن يقال انَّ مرجع هذا إلى ذاك . ويتوقّف هذا الوجه إلى انحصار ملاك الفرق بين المصدر واسم المصدر فيما ذكر ، فانَّ الفرق بينهما ممَّا لا إِشكال فيه عرفاً إلا انَّه يمكن أن يكون لأحد اعتبارات أخرى . الاعتبار الأول : انَّ المصدر موضوع للفعل واسم المصدر موضوع للانفعال . وهذا الاعتبار يمكن استبعاده بعدم الفرق بين الفعل والانفعال فان كليهما من المصادر . الاعتبار الثاني : انَّ المصدر موضوع للفعل واسم المصدر للنتيجة المتولدة منه . وهذا أيضا بظاهره ينفيه عدم توقّف الفرق بينهما على أن يكون الفعل توليديّاً بحيث تكون له نتيجة خارجية . الاعتبار الثالث : انَّ العقل والعرف يحلل الفعل في عالم المفهوم والتصوّر إلى مرحلتين : إِحداهما : الفعل بما هو حدث يصدر من فاعل . والأخرى : الفعل بما هو موجود بالذات في الخارج وهذا واضح جداً في مثل الخلق والمخلوق والإيجاد والوجود فإنَّهما رغم وحدتهما بحسب الواقع والحقيقة بينهما فرق واضح بحسب عالم المفهوم . فان المخلوق والموجود كأنَّهما نتيجة الخلق والإيجاد ، فنفس المعنى يقال في باب المصادر وأسماء المصادر وإن كان التحليل المذكور أخفى فيها من المثالين . فالقيام تارة : يلحظ بما هو حدث وإيجاد فيكون معنى مصدريّاً . وأخرى : يلحظ بما هو موجود في الخارج فيكون اسم المصدر . وهذا الاعتبار الثالث يلتقي في الحقيقة بالنحو الثالث الَّذي ذكرناه