واتّفاق الإيجادية بهذا المعنى يكون إمَّا في مورد تكون فيه الجملة الإنشائية بلحاظ كشفها التصديقي عن المدلول الجدّي مصداقاً لمدلولها التصوّري تكويناً ، كما هو الحال في الجملة الطلبية كصيغة « افعل » على ما عرفت ، أو في مورد تقع فيه الجملة الإنشائية الواجدة لمدلول جدّي موضوعاً لحكم شرعي أو عقلائي يكون هذا الحكم مصداقاً لمدلولها التصوّري ، كما هو الحال في الجمل الإنشائية في باب المعاملات . وقد يستشكل في تعقّل هذه الإيجادية كما في تقريرات المحقق العراقي ( قدس سره ) تارة بأن الوجود الخارجي الَّذي يحصل باللفظ لا يعقل أن يكون هو المستعمل فيه أو المدلول للجملة الإنشائية ، لأنَّ المدلول يجب أن يكون من الممكن حضوره في الذهن عند سماع اللفظ والوجود الخارجي لا يمكن حضوره ذهناً وأخرى : بأن هذا الوجود في طول الاستعمال والمستعمل فيه متقدّم بالطبع على الاستعمال فلو كان هو المستعمل فيه لزم التقدّم والتأخر رتبة وهو خلف . ويرد على الإشكال الأوّل : أن الإيجادية إذا ادعيت بدلًا عن الإخطارية فلا مورد لهذا الإشكال ، إذ لا مدلول إخطاري للجملة الإنشائية حينئذ لا أن مدلولها الإخطاري هو ذلك الوجود الخارجي وانَّما الخطور يتحقق في رتبة انتزاع مفهوم من هذا الوجود ، وإذا ادعيت الإيجادية إضافة إلى الإخطاريّة فلا تعني أن هذا الوجود هو نفس المستعمل فيه بل هو وجود للمعنى المستعمل فيه ، فكأن اللفظ يخطر ذات المعنى في الذهن ويوجد له مصداقاً في الخارج من دون أن يكون الوجود الخارجي هذا دخيلًا في المستعمل فيه . ومنه يعرف الجواب على الإشكال الثاني ، فإن ما هو متقدّم على الاستعمال ذات المعنى المستعمل فيه لا وجوده لعدم دخل الوجود في المعنى ، وما هو في طول الاستعمال وجود ذلك المعنى فلا خلف . الإيجادية بالنظر التصوّري الرابع : أن يراد إيجادية الجملة الإنشائية بحسب النّظر التصوّري ، أي إيجادية تصوريّة ، وذلك في الجمل المشتركة بين الاخبار والإنشاء ك « بعت » و « يعيد » فانَّ هذه الجملة تدلّ على النسبة المفادة لها على نحو واحد فهي في مورد الاخبار تلحظ فانية