وليست بحوث المعنى الحرفي والهيئات في الأصول إلا دليلا على هذا السبق . ومن الطريف أن يكتب اليوم " برتراند رسل " رائد ذلك الاتجاه الحديث في العالم المعاصر محاولا التفرقة بين جملتين لغويتين في دراسته التحليلية للغة وهما : " مات قيصر " و " موت قيصر " أو " صدق موت قيصر " فلا ينتهي إلى نتيجة وإنما يعلق على مشكلة التمييز المنطقي بين الجملتين فيقول : " لست أدري كيف أعالج هذه المشكلة علاجا مقبولا " [1] . أقول : من الطريف أن يعجز باحث في قمة ذلك الاتجاه الحديث عن تحليل الفرق بين تلك الجملتين ، بينما يكون علم الأصول قد سبق إلى دراسة هذا الفرق في دراساته الفلسفية التحليلية للغة ووضع له أكثر من تفسير . 3 - وكذا نجد لدى بعض المفكرين الأصوليين بذور نظرية الأنماط المنطقية ، فقد حاول المحقق الشيخ محمد كاظم الخراساني في الكفاية أن يميز بين الطلب الحقيقي والطلب الانشائي بما يتفق مع الفكرة الرئيسية في تلك النظرية . وبهذا يكون الفكر الأصولي قد استطاع أن يسبق " برتراند رسل " صاحب تلك النظرية ، بل استطاع بعد ذلك أكثر من هذا فقام بمناقشتها ودحضها وحل التناقضات التي بنى " رسل " نظريته على أساسها . 4 - ومن أهم المشاكل التي درستها الفلسفة القديمة وتناولتها البحوث الجديدة في التحليل الفلسفي للغة هي مشكلة الكلمات التي لا يبدو أنها تعبر عن شئ موجود ، فماذا نقصد بقولنا مثلا " الملازمة بين النار والحرارة " وهل هذه الملازمة موجودة إلى جانب وجود النار والحرارة أو معدومة ؟ وإذا كانت موجودة فأين هي موجودة ؟ وإذا كانت معدومة ولا وجود لها
[1] أصول الرياضيات ج 1 ص 96 ترجمة الدكتور محمد موسى أحمد والدكتور أحمد فؤاد الأهواني .