الأصول يشق طريقه إلى الظهور ، فكان من الطبيعي أن يعتمد عليه ويستلهم منه . ومثال ذلك نظرية الحسن والقبح العقليين ، وهي النظرية الكلامية القائلة بأن العقل الانساني يدرك بصورة مستقلة عن النص الشرعي قبح بعض الأفعال كالظلم والخيانة وحسن بعضها كالعدل والوفاء والأمانة ، فإن هذه النظرية استخدمت أصوليا في العصر الثاني لحجية الاجماع ، أي إن العلماء إذا اتفقوا على رأي واحد فهو الصواب ، بدليل أنه لو كان خطأ لكان من القبيح عقلا سكوت الإمام المعصوم عنه وعدم إظهاره للحقيقة ، فقبح سكوت الامام عن الخطأ هو الذي يضمن صواب الرأي المجمع عليه . 3 - الفلسفة ، وهي لم تصبح مصدرا لالهام الفكر الأصولي في نطاق واسع إلا في العصر الثالث تقريبا ، نتيجة لرواج البحث الفلسفي على الصعيد الشيعي بدلا عن علم الكلام وانتشار فلسفات كبيرة ومجددة كفلسفة صدر الدين الشيرازي المتوفى ( 1050 ) ه ، فإن ذلك أدى إلى إقبال الفكر الأصولي في العصر الثالث على الاستمداد من الفلسفة واستلهامها أكثر من استلهام علم الكلام ، وبخاصة التيار الفلسفي الذي أوجده صدر الدين الشيرازي . ومن أمثلة ذلك ما لعبته مسألة أصالة الوجود وأصالة الماهية في مسائل أصولية متعددة ، كمسألة اجتماع الأمر والنهي ومسألة تعلق الأوامر بالطبائع والافراد ، الامر الذي لا يمكننا فعلا توضيحه . 4 - الظرف الموضوعي الذي يعيشه المفكر الأصولي ، فإن الأصولي قد يعيش في ظرف معين فيستمد من طبيعة ظرفه بعض أفكاره ، ومثاله أولئك العلماء الذين كانوا يعيشون في العصر الأول ويجدون الدليل الشرعي الواضح ميسرا لهم في جل ما يواجهونه من حاجات وقضايا ، نتيجة لقرب عهدهم بالأئمة عليهم السلام وقلة ما يحتاجون إليه من مسائل نسبيا ، فقد ساعد ظرفهم ذلك وسهولة استحصال الدليل فيه على أن يتصوروا أن هذه الحالة