عن واقع الحال . ولكن ذلك لا يعني بحال أن علم الأصول قد استورده الشيعة من الفكر السني وفرض عليهم من قبله ، بل هو ضرورة فرضتها على الفقه الامامي عملية الاستنباط وحاجات هذه العملية . 4 - وساعد على إيمان الأخباريين بالإطار السني لعلم الأصول تسرب اصطلاحات من البحث الأصولي السني إلى الأصوليين الاماميين وقبولهم بها بعد تطويرها وإعطائها المدلول الذي يتفق مع وجهة النظر الامامية . ومثال ذلك كلمة " الاجتهاد " كما رأينا في بحث سابق ، إذ أخذها علماؤنا الاماميون من الفقه السني وطوروا معناها ، فتراءى لعلمائنا الأخباريين الذين لم يدركوا التحول الجوهري في مدلول المصطلح أن علم الأصول عند أصحابنا يتبنى نفس الاتجاهات العامة في الفكر العلمي السني ، ولهذا شجبوا الاجتهاد وعارضوا في جوازه المحققين من أصحابنا . 5 - وكان الدور الذي يلعبه العقل في علم الأصول مثيرا آخر للأخباريين على هذا العلم نتيجة لاتجاههم المتطرف ضد العقل ، كما رأينا في بحث سابق . 6 - ولعل أنجح الأساليب التي اتخذها المحدث الاسترآبادي وأصحابه لإثارة الرأي العام الشيعي ضد علم الأصول هو استغلال حداثة علم الأصول لضربه ، فهو علم لم ينشأ في النطاق الامامي إلا بعد الغيبة ، وهذا يعني أن أصحاب الأئمة وفقهاء مدرستهم مضوا بدون علم أصول ، ولم يكونوا بحاجة إليه . وما دام فقهاء تلامذة الأئمة من قبيل زرارة بن أعين ومحمد بن مسلم ومحمد بن أبي عمير ويونس بن عبد الرحمن وغيرهم كانوا في غنى عن علم الأصول في فقههم ، فلا ضرورة للتورط فيما لم يتورطوا فيه ، ولا معنى للقول بتوقف الاستنباط والفقه على علم الأصول . ويمكننا أن نعرف الخطأ في هذه الفكرة على ضوء ما تقدم سابقا من أن الحاجة إلى علم الأصول حاجة تاريخية ، فإن عدم إحساس الرواة والفقهاء