1 - قال الشيخ الطوسي في مقدمة كتاب العدة يبرر إقدامه على تصنيف هذا الكتاب الأصولي : " إن من صنف في هذا الباب سلك كل قوم منهم المسلك الذي اقتضاه أصولهم ولم يعهد من أصحابنا لاحد في هذا المعنى " . 2 - وكتب ابن زهرة في كتابه الغنية وهو يشرح الأغراض المتوخاة من البحث الأصولي قائلا : " على أن لنا في الكلام في أصول الفقه غرضا آخر سوى ما ذكرناه ، وهو بيان فساد كثير من مذاهب مخالفينا فيها وكثير من طرقهم إلى تصحيح ما هو صحيح منها [1] وأنه لا يمكنهم تصحيحها وإخراجهم بذلك عن العلم بشئ من فروع الفقه ، لان العلم بالفروع من دون العلم بأصله محال ، وهو غرض كبير يدعوا إلى العناية بأصول الفقه ويبعث على الاشتغال بها " . هذه هي الحقيقة الأولى . والحقيقة الأخرى هي أن التفكير الأصولي السني كان قد بدأ ينضب في القرن الخامس والسادس ويستنفذ قدرته على التجديد ويتجه إلى التقليد والاجترار ، حتى أدى ذلك إلى سد باب الاجتهاد رسميا . ويكفينا لاثبات هذه الحقيقة شهادة معاصرة لتلك الفترة من عالم سني عاشها وهو الغزالي المتوفى سنة ( 505 ) ه ، إذا تحدث عن شروط المناظر في البحث فذكر منها ( أن يكون المناظر مجتهدا يفتى برأيه لا بمذهب الشافعي وأبي حنيفة وغيرهما حتى إذا ظهر له الحق من مذهب أبي حنيفة ترك ما يوافق رأي الشافعي وأفتى بما ظهر له ، فأما من لم يبلغ رتبة الاجتهاد وهو حكم كل أهل العصر فأي فائدة له في المناظرة "
[1] أي الكشف عن فساد كثير من متبنياتهم من ناحية وفساد الأدلة التي يستندون إليها لاثبات المتبنيات الصحيحة من ناحية أخرى .