بطبيعتها الثغرات في عملية الاستنباط الامر الذي يوحي بالحاجة الشديدة إلى وضع القواعد العامة الأصولية لملئها . وأما الامامية فقد كانوا وقتئذ يعيشون عصر النص الشرعي ، لان الإمام عليه السلام امتداد لوجود النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فكانت المشاكل التي يعانيها فقهاء الامامية في الاستنباط أقل بكثير إلى الدرجة التي لا تفسح المجال للاحساس بالحاجة الشديدة إلى وضع علم الأصول . ولهذا نجد أن الامامية بمجرد أن انتهى عصر النصوص بالنسبة إليهم ببدء الغيبة أو بانتهاء الغيبة الصغرى بوجه خاص تفتحت ذهنيتهم الأصولية وأقبلوا على درس العناصر المشتركة ، وحققوا تقدما في هذا المجال على يد الرواد النوابغ من فقهائنا من قبيل الحسن بن علي بن أبي عقيل ومحمد بن أحمد بن الجنيد الإسكافي في القرن الرابع . ودخل علم الأصول بسرعة دور التصنيف والتأليف ، فألف الشيخ محمد ابن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد المتوفى سنة ( 413 ) ه كتابا في الأصول واصل فيه الخط الفكري الذي سار عليه ابن أبي عقيل وابن الجنيد قبله ، ونقدهما في جملة من آرائهما . وجاء بعده تلميذه السيد المرتضى المتوفى سنة ( 436 ) ه فواصل تنمية الخط الأصولي وأفرد لعلم الأصول كتابا موسعا نسبيا سماه " الذريعة " وذكر في مقدمته أن هذا الكتاب منقطع النظير في إحاطته بالاتجاهات الأصولية التي تميز الامامية باستيعاب وشمول . ولم يكن السيد المرتضى هو الوحيد من تلامذة المفيد الذين واصلوا تنمية هذا العلم الجديد والتصنيف فيه ، بل صنف فيه أيضا عدد آخر من تلامذة المفيد ، منهم سلار بن عبد العزيز الديلمي المتوفى سنة ( 436 ) ه إذ كتاب كتابا باسم التقريب في أصول الفقه . ومنهم الشيخ الفقيه المجدد محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة