التي أكسبت الفكر العلمي في العصر الثاني الاستعداد للانتقال إلى عصر ثالث . انتصار علم الأصول وظهور مدرسة جديدة : وقد قدر للاتجاه الاخباري في القرن الثاني عشر أن يتخذ من كربلاء نقطة ارتكاز له ، وبهذا عاصر ولادة مدرسة جديدة في الفقه والأصول نشأت في كربلاء أيضا على يد رائدها المجدد الكبير محمد باقر البهبهاني المتوفى سنة ( 1206 ) ه ، وقد نصبت هذه المدرسة الجديدة نفسها لمقاومة الحركة الاخبارية والانتصار لعلم الأصول ، حتى تضاءل الاتجاه الاخباري ومني بالهزيمة ، وقد قامت هذه المدرسة إلى صف ذلك بتنمية الفكر العلمي والارتفاع بعلم الأصول إلى مستوى أعلى ، حتى أن بالامكان القول بأن ظهور هذه المدرسة وجهودها المتضافرة التي بذلها البهبهاني وتلامذة مدرسته المحققون الكبار قد كان حدا فاصلا بين عصرين من تاريخ الفكر العلمي في الفقه والأصول . وقد يكون هذا الدور الايجابي الذي قامت به هذه المدرسة فافتتحت بذلك عصرا جديدا في تاريخ العلم متأثرا بعدة عوامل : ( منها ) عامل رد الفعل الذي أوجدته الحركة الاخبارية ، وبخاصة حين جمعها مكان واحد ككربلاء بالحوزة الأصولية ، الامر الذي يؤدي بطبيعته إلى شدة الاحتكاك وتضاعف رد الفعل . ( ومنها ) أن الحاجة إلى وضع موسوعات جديدة في الحديث كانت قد أشبعت ولم يبق بعد وضع الوسائل والوافي والبحار إلا أن يواصل العلم نشاطه الفكري مستفيدا من تلك الموسوعات في عمليات الاستنباط . ( ومنها ) أن الاتجاه الفلسفي في التفكير الذي كان الخونساري قد وضع إحدى بذوره الأساسية زود الفكر العلمي بطاقة جديدة للنمو وفتح