الأسماء ، فإن معانيها بما أنها معان مستقلة فهي تدل عليها مطلقا ، فعدم دلالة الحروف على معانيها إلا في ضمن جملة ، لا يكون قرينة على أنها لم توضع إلا في ضمن وضع الجملة ، لأن أحد الأمرين غير مربوط بالآخر ، إذ للواضع أن يتصور معاني الحروف متعلقه بالمفاهيم الاسمية ثم يضعها بإزائها على نحو الوضع الشخصي ، ولكن بما أنها متعلقه بها ذاتا وحقيقة ، فلا يمكن دلالتها عليها وحدها ومستقلة ، بل لا بد أن تكون في ضمن جملة . الثاني : أن الجملة إذا لم تكن مشتملة على الحروف كقولك ( زيد عالم ) فإن هيئتها القائمة بعنصريها هما ( زيد ) و ( عالم ) في المثال موضوعة لواقع النسبة بينهما ، وعلى هذا فالدال على النسبة هو هيئة الجملة لا عنصر الموضوع ولا المحمول . وأما إذا كانت الجملة مشتملة على الحرف كالجملة المؤلفة من الظرف والمظروف وحرف الظرفية ، كقولك ( الصلاة في المسجد ) مثلا ، فإن لفظ ( الصلاة ) موضوع لمعناه ويدل عليه ، وكذا لفظ ( المسجد ) ولا يدل شئ منهما على النسبة بينهما ، وهي نسبة الظرفية ، وعليه فلا محالة يكون الدال عليها كلمة ( في ) في ضمنها ، لوضوح أن الجملة مؤلفة من ثلاثة عناصر وهي كلمة ( الصلاة ) وكلمة ( المسجد ) وكلمة ( في ) ، وكل من تلك العناصر يدل على معناه ، وبذلك يحصل الغرض المطلوب من الجملة ويتم المقصود منها ، ومع هذا لا حاجة إلى وضع الجملة بتمامها ، فإنها لو كانت موضوعة فلا محالة موضوعة بإزاء النسبة المذكورة ، والمفروض أن الدال عليها كلمة ( في ) ، وعليه فوضع الجملة بما هي بإزائها لغو . فالنتيجة أن وضع الحروف شخصي لا نوعي .