والأول يمثل كثرة الاستعمال إلى أن تؤدي إلى الإشراط والإرتباط الذهني بينه وبين المعنى ، والثاني يمثل الوضع . فالنتيجة أن اللفظ إنما يكون منبها شرطيا بأحد العاملين المذكورين : الأول : الوضع التعييني ، وهو العامل الكيفي . الثاني : الوضع التعيني ، وهو العامل الكمي . فاللفظ يكون منبها شرطيا بالنسبة إلى معناه الموضوع له كغيره من الأفعال . وبعد ذلك نقول : إن حرف النداء ككلمة ( يا ) مثلا موضوع لواقع النداء الذي هو نداء بالحمل الشائع وربط حقيقي بين المنادي والمنادى ، ومن الواضح أن حرف النداء لا تدل عليه بالذات وبدون عامل ، بل تتوقف دلالته عليه على عامل كمي أو كيفي كدلالة سائر الحروف على معانيها . وبكلمة ، إن حرف النداء يكون منبها طبيعيا بالنسبة إلى انتقال الذهن إلى صورته كما هو الحال في سائر الألفاظ ، وأما بالنسبة إلى معناه وهو واقع النسبة بين الشخص المنادي والمنادى في وعاء النداء ، فلا يكون منبها طبيعيا لانتقال الذهن إليه ، بل منبه شرطي كسائر الحروف وبحاجة إلى عامل خارجي كالوضع أو كثرة الاستعمال ، وحيث إن نسبة حرف النداء إلى مدخوله وغيره على حد سواء ، فتعيينه بحاجة إلى دال آخر ، فإذا أراد نداء زيد مثلا قال ( يا زيد ) فحرف النداء يدل على واقع النسبة بين المنادي والمنادى بتعدد الدال والمدلول ، بأن يكون الدال على واقع النسبة حرف النداء ، والدال على أن المنادى هو زيد في المثال ، الهيئة المتحصلة من دخول حرف النداء عليه ، كأداة الاستفهام وغيرها ، فإنها تدل على النسبة الاستفهامية بتعدد الدال والمدلول ، بأن تدل الأداة على