طلبية فوعاؤه عالم الطلب ، وإن كانت استفهامية فوعاؤه عالم الاستفهام ، وإن كانت تمنية فوعاؤه عالم التمني وإن كانت ترجية فوعاؤه عالم الترجي وهكذا ، فإذا كانت الجمل الانشائية موضوعة بإزاء المعاني الموجودة في هذه الأوعية ودالة على اخطارها في ذهن السامع وإن كانت صادرة من لافظ بغير شعور واختيار كانت معانيها إيجادية ، يعني لا واقع موضوعي لها ما عدا ثبوتها في تلك الأوعية ، فالايجادية صفة للمعنى لا أنها صفة للفظ ، لأن اللفظ لا يكون سببا وعلة لايجاده ، فالجملة الانشائية تدل على معنى لا واقع موضوعي له في الخارج ، ولذلك لا تتصف بالصدق والكذب ، وهذا بخلاف الجملة الخبرية ، فإنها تدل على معنى له واقع موضوعي ، ولهذا تتصف بالصدق والكذب من جهة أنها قد تكون مطابقة للواقع وقد تكون مخالفة له . تحصل من ذلك أن الايجادية صفة للمعنى وقائمة به بلحاظ وعائه لا للجملة ، واتصافها بها إنما هو بالعرض وبلحاظ معناها لا في نفسها . فالنتيجة أن مراد المشهور من أن الانشاء إيجاد المعنى باللفظ هو الايجاد الانشائي التصوري ، لا الايجاد التكويني ولا الايجاد الاعتباري ، وهذا هو الظاهر من الجملة الانشائية بشتى أنواعها وأشكالها . وبكلمة ، إن صيغة ( افعل ) موضوعة للدلالة على معنى فان في واقع يرى بالنظر التصوري ثبوته بنفس هذه الصيغة في وعاء الطلب ، وهو النسبة الطلبية المولوية ، وصيغة الاستفهام موضوعة للدلالة على معنى - وهو النسبة الاستفهامية - فإن في واقع يرى باللحاظ التصوري ثبوته بنفس هذه الصيغة في وعاء الاستفهام ، وكذلك الحال في صيغة التمني والترجي وما شاكلهما ، وبذلك تفترق الجملة الانشائية عن الجملة الخبرية في مرحلة المدلول الوضعي