حرفي فلا يصح حمله على الذات ، مع أن صحة حمله عليها من الواضحات الأولية ، فلهذا حاول دفع هذا الاشكال عنه وعلاج هذه النقطة بمحاولتين : المحاولة الأولى : أن هيئة المشتق وإن كانت موضوعة بإزاء نسبة المادة إلى الذات ، إلا أن النسبة بما أنها متقومة ذاتا وحقيقة بشخص وجود طرفيها في الذهن أو الخارج واستحالة قيامها بطرف واحد ، فهي تدل على الذات بالدلالة الالتزامية ، بملاك أنها أحد طرفي مدلولها الوضعي ، وعليه فصحة حمله على الذات إما هي بلحاظ مدلوله الالتزامي دون المطابقي . المحاولة الثانية : أن مدلول هيئة المشتق بما أنه النسبة الاتحادية بين الذات والمبدأ ، فلا مغايرة بينها وبين الذات في الخارج ، والتغاير بينهما إنما هو في الذهن ، وعلى هذا فالنسبة متحدة مع الذات في الخارج ومتغايرة معها في الذهن ، وهذا هو ملاك صحة حمل المشتق على الذات [1] . ولنأخذ بالنقد على كلتا المحاولتين : أما المحاولة الأولى فيرد عليها أنه لا شبهة في أن المشتق في مثل قولنا ( زيد عالم ) محمول على ( زيد ) بماله من المعنى الموضوع له ، لا أنه مستعمل في مدلوله الالتزامي مجازا وهو محمول عليه ، لوضوح أنه لا فرق بين أن يكون المشتق محمولا في قولنا ( زيد عالم ) وبين أن لا يكون محمولا كما في قولنا ( جاء عالم ) فان ( العالم ) في كلام المثالين مستعمل في معنى واحد ، لا أنه في المثال الأول مستعمل في مدلوله الالتزامي مجازا دون الثاني . فالنتيجة أن المشتق سواء أكان محمولا في القضية أم لا ، فهو مستعمل في معناه
[1] نهاية الأفكار 1 : 143 ، ونقله عنه في بحوث في علم الأصول 1 : 327 .