الخارج واحد وهو وجود الجوهر ، وأما العرض فلا وجود له في قبال وجوده ، وإنما هو شأن من شؤون وجوده وحدوده ، وحد الشئ نفس الشئ ولا يغايره ، وعليه فيصح الحمل لمكان الاتحاد . وهذه الفريضة وإن كانت لا واقع موضوعي لها ومخالفة للوجدان الموافق للفطرة ، إلا أنه مع ذلك قيل إنه لم يقم برهان في الفلسفة على أن للعرض وجودا في الخارج في قبال وجود الجوهر ، ولهذا نسب إلى بعض الفلاسفة أن الصور العلمية العارضة على النفس من مراتب وجودها وحدوده ، وليس لها وجود في قبال وجودها ، حيث إن هناك وجودا واحدا وهو وجود النفس ، وتلك الصور العارضة عليها من مراتب ذلك الوجود وحدوده ، فإذا كانت الصور المذكورة التي هي من مقولة الكيف النفساني متحدة مع النفس ، كان الأمر كذلك في سائر المقولات العرضية أيضا ، إذ الفرق غير محتمل [1] ، وعلى هذا فلو أراد قدس سره من ذلك أن العرض شأن من شؤون موضوعه وطور من أطواره وأنه لا وجود له في الخارج إلا وجود موضوعه ، ففيه أن حمله على الذات حينئذ وإن كان صحيحا لمكان الاتحاد بينهما وجودا ، إلا أن ذلك مجرد افتراض لا واقع موضوعي له ، إذ لا شبهة في أن وجود العرض غير وجود الجوهر في الخارج ، وهما نحوان وسنخان من الوجود فيه ، وهذا أمر لا يقبل الشك كما تقدم . وأما الفرضية الثانية فهي تبتني على أن وجود العرض مباين لوجود الجوهر في الخارج ، وهما سنخان متباينان من الوجود ، فإن وجود العرض وجود يتوقف على موضوع محقق فيه ولا يمكن وجوده بدونه ، بينما وجود الجوهر وجود مستقل فلا يتوقف على ذلك ، فإذن كيف يعقل أن يكون وجود العرض