انقضاء المبدأ عن الذات ، بل لا شبهة في صدقها كذلك على من لم يتلبس بالمبدأ بعد كالطبيب ، فإنه يصدق حقيقة على من لديه علم الطب وإن لم يقم بعد بعملية الطبابة خارجا ، والمجتهد يصدق على من لديه قدرة على عملية الاستنباط وإن لم يقم بعد بالعملية ، وكذا المهندس والصائغ والخياط وهكذا ، وهذا يكشف إنا عن أنها موضوعة للأعم من المتلبس والمنقضي وغير المتلبس بعد ، ولهذا لا مجال للنزاع فيها أنها موضوعة للأعم أو لخصوص المتلبس . والجواب : أنه لا بد من الالتزام فيها بأحد أمرين : الأول : الالتزام بأنها موضوعة للجامع بين المتلبس والمنقضي وغير المتلبس بعد . الثاني : أن المبدأ في مثل المجتهد والمهندس والطبيب وما شاكل ذلك القوة والاستعداد لا الفعل الخارجي ، فمن كانت عنده قدرة على عملية الاستنباط فهو مجتهد حقيقة وإن لم يقم بالعملية بعد ، ومن كانت عنده قدرة على عملية الطبابة فهو طبيب وإن لم يقم بعد بالعملية وهكذا ، والمبدأ في مثل الخياط والبناء والبزاز والحداد والنساج والنجار وغير ذلك هو الحرفة والصنعة ، فمن أخذ الخياطة حرفة له فهو خياط فعلا ومتلبس بالمبدأ بالفعل ، سواء كان مشغولا بالخياطة خارجا أم لا ، ومن أخذ البناء حرفة له فهو بناء وهكذا ، والانقضاء في مثل ذلك إنما يكون بترك هذه الحرفة ، فما دام لم يتركها ولم يعرض عنها ، فالتلبس فعلي وإن لم يشتغل بالخياطة أو البناء أو غير ذلك . أما الأمر الأول فلا يمكن الالتزام به لوجهين : الأول : أنه مبني على أن يكون المبدأ فيها الفعل الخارجي ، ولكن قد عرفت أن المبدأ في بعض تلك العناوين القدرة والاستعداد العلمي ، وفي بعضها