قديمة وثابتة في تلك الأديان ، غاية الأمر أن الشارع في الدين الاسلامي قد أكملها وأتمها ببعض الأجزاء والشروط غير المقومة لها . الثاني : أن ألفاظها على هذا حقائق لغوية لا شرعية ، باعتبار أن الواضع لها بإزاء تلك المعاني ليس هو الشارع لا بالوضع الصريح ولا بالاستعمال ، بل هي موضوعة لها قبل الاسلام . قد يقال كما قيل إن المراد من اختراع الشارع المعاني العبادية هو استحداثه التأليف بين أجزائها بتنسيق معين من البداية إلى النهاية كالصلاة مثلا ، فإن معنى كونها مخترعة ، هو أن الشارع اخترع التركيب والتأليف بين أجزائها بكيفية خاصة وكمية مخصوصة ، لا أن نفس الأجزاء والمواد مخترعة ، ومن الواضح أن هذا المقدار من الاختراع يكفي لتصديه وضع هذه الأسماء بإزائها ، إذ من المستبعد جدا أن يكون الشارع هو المخترع لتركيب الصلاة بالكيفية المذكورة والكمية الخاصة ، ولكن الواضع للفظ الصلاة بإزائها كان غيره . ومن هنا يظهر أن ما ذكره المحقق الأصبهاني قدس سره من أن تلك المعاني العبادية ليس مجعولة ومخترعة من قبل الشارع غير جعلها في حيز الطلب [1] غير تام ، فإن مراد من يقول بكونها مجعولة ومخترعة من قبل الشارع ، هو أن الهيئة التركيبية لها مجعولة ومخترعة لا موادها الأصلية [2] . والجواب عنه يظهر مما تقدم من أن هذه التركيبات العبادية بمقوماتها الأساسية قديمة وثابتة قبل الاسلام بنفس هذه الألفاظ ، غاية الأمر أن الشارع بعد الاسلام قد يتصرف فيها بزيادة جزء أو شرط أو مانع غير ركني .
[1] نهاية الدراية 1 : 89 . [2] بحوث في علم الأصول 1 : 18 .