الجمع بينهما ، وأما الثاني فلأنه لا يمكن أن يقصد المتكلم الحكاية عن هذه النسبة التي لا واقع لها غير وجودها بين المادة والمتكلم الحاصلة بنفس الجملة ، ومن هنا كان المتبادر منها بالتبادر التصوري في مقام الاخبار غير ما هو المتبادر منها بهذا التبادر في مقام الانشاء . ومن ناحية ثالثة ، إن تفسيره الايجاد بالايجاد التنزيلي اللفظي مبني على أن معنى الوضع عنده هو تنزيل وجود اللفظ وجودا للمعنى ، ولكن قد تقدم أن هذا التفسير للوضع تفسير خاطئ لا يمكن الالتزام به ، ومن هنا يكون استعمال اللفظ في المعنى يقتضي التغاير والإثنينية ، لا أنه يتطلب الاتحاد والعينية بالتنزيل والاعتبار . وأما النقطة الثانية : فيرد عليها ما مر الآن من أن قصد الحكاية عن النسبة الايجادية بين المادة والمتكلم التي لا ثبوت لها بالنظر التصوري إلا بثبوت نفس الجملة مما لا معنى له ، إذ لا واقع لها لكي يقصد الحكاية عنها ، ومن الواضح أن قصد الحكاية عن النسبة ، يستلزم كون النسبة حكائية بالنظر التصوري ، على أساس أن المدلول التصديقي هو المدلول التصوري ، ولا فرق بينهما في نفس المدلول . القول الثاني : ما اختاره المحقق الخراساني قدس سره ، فإنه بعد ما قوى أن المعنى الحرفي والاسمي متحدان بالذات والحقيقة ومختلفان باللحاظ الآلي والاستقلالي ، قال لا يبعد أن يكون الانشاء والاخبار أيضا من هذا القبيل ، بمعنى أن طبيعي المعنى الموضوع له واحد فيهما ، والاختلاف بينهما إنما هو في الداعي ، فإنه في الانشاء قصد إيجاد المعنى ، وفي الخبر قصد الحكاية عنه ، وكلاهما خارجان عن حريم المعنى [1] .